الذي حمد الله تعالى على الإقدار على صنع ذلك السد ، وقال : هو رحمة من ربّي على عباده ، وسيبقى طويلا يحجز بين يأجوج ومأجوج والناس (فَإِذا جاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ) فإذا اقترب مجيء الساعة وقيام القيامة ، وهو وعد ربّي جلّ وعزّ بالبعث والنشور ، أو هو خروج يأجوج ومأجوج قبيل ذلك ، فحينئذ يجعله ربّي سبحانه مدكوكا مهدوما قد خسفت به الأرض فانهار بناؤه حتى سوّاه بوجه الأرض. وقد قرئ : دكّا ودكّاء بالمدّ أي أرضا مستوية (وَكانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا) أي أنه كائن قطعا ولا مناص من وقوعه.
* * *
(وَتَرَكْنا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَجَمَعْناهُمْ جَمْعاً (٩٩) وَعَرَضْنا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِلْكافِرِينَ عَرْضاً (١٠٠) الَّذِينَ كانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطاءٍ عَنْ ذِكْرِي وَكانُوا لا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعاً (١٠١) أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ يَتَّخِذُوا عِبادِي مِنْ دُونِي أَوْلِياءَ إِنَّا أَعْتَدْنا جَهَنَّمَ لِلْكافِرِينَ نُزُلاً (١٠٢))
٩٩ ـ (وَتَرَكْنا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ) ... أي خلّيناهم يوم خروجهم من السّد يندفعون بكثرة ، حالهم حال المياه الكثيرة التي تضطرب أمواجها وتتلاطم في جريانها واندفاعها. وقد قسموا الدنيا إلى سبعة أقاليم ، ثم عدّوا أحدها يأجوج ومأجوج لكثرتهم إذ قيل إنهم يوم خروجهم من السد وانبساطهم على وجه الأرض تكون مقدّمتهم بالشام وساقتهم بخراسان ، يشربون أنهار المشرق وبحيرة طبرية. وفي الحديث : يخرجون على الناس فيشربون المياه ، ويتحصّن الناس في حصونهم منهم ، فيرمون سهامهم إلى السماء فترجع السهام وفيها مثل الدّماء فيقولون قد قهرنا أهل الأرض وعلونا أهل السماء فيبعث الله عليهم بقّا أو نقّا على اختلاف النّسخ. وبقّ