على وجود الصّانع الحكيم وعلى النبوّة والرّسالة ، والثاني لإنكارهم المعاد وتعجّبهم من عودة أجسامهم بعد فنائها.
٩٩ ـ (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللهَ الَّذِي خَلَقَ) ... أي أن القادر على الأعظم كخلق السّماوات والأرض قادر على الأدون كما قال تعالى : (أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّماءُ)؟ وليست الإعادة أصعب عليه تعالى من الإبداء. والمراد بالمثل إما هو الإعادة مثل الأول ، أو المراد بالمثل أنفسهم. ويعبّر أهل العربيّة عن النفس بالمثل كما يقال مثلك لا ينجل أي أنت لا تبخل (وَجَعَلَ لَهُمْ أَجَلاً) مدّة معيّنة لا شك فيها وهو الموت أو البعث (فَأَبَى الظَّالِمُونَ إِلَّا كُفُوراً) أي امتنعوا عن كلّ شيء ممّا نزّلناه إلّا الكفر والجحد ونسيان الحق مع وضوحه. ولمّا بيّن تعالى بعض الأوصاف المذمومة للمشركين ، نحو كفرهم بالله وتكذيب النبيّ ، وإنكار المعجزات والآيات ، والمعاد عن جحود ، ذكر بعضا آخر وهو الصفة القبيحة من الشحّ والبخل ، فإن الكفار والظلمة أكثرهم شحيح وممسك بخلاف المؤمنين فإنهم الأجواد والمؤثرون على أنفسهم غيرهم ، وأهل العواطف بخلاف الظالمين الذين لا عاطفة لهم ولا رحمة ، بل قلوبهم قاسية كالحجارة أو أشدّ قسوة فقهرا كانوا ممسكين مقتّرين بخلاء خائفين من الإنفاق ، ولذلك قال سبحانه :
١٠٠ ـ (قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ) إلخ ... أي يا محمد قل لهؤلاء المشركين لو أن خزائن أرزاق العباد كانت تحت سلطتكم وكنتم مالكين لها (إِذاً لَأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الْإِنْفاقِ) لبخلتم وامتنعتم من أن تنفقوا وتعطوا الناس خوفا من النفاد بالإنفاق لعدم التوكل وعدم التصديق بما أنزل ربّكم عليكم في كتابه من قوله سبحانه : (وَفِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ وَما تُوعَدُونَ ..)(وَكانَ الْإِنْسانُ قَتُوراً) أي بخيلا طبعا. وهذا الذيل تأكيد لما في صدر الآية وتثبيت لما تشتمل عليه من كونهم ممسكين ، وبيان لعلّة الحكم بكونهم بخلاء أشحّاء.
* * *