بالنزاع معهم أو بالقتال (وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي) ولم تنتظر أمري فيهم ، ولذلك لم أر أحسن من مفارقتهم بعد أن رأيت عنادهم منتظرا مجيئك حتى ترى وتفعل ما فيه الصلاح والإصلاح .. وبعدها انصرف موسى عليهالسلام إلى السامريّ يخاطبه ويقول :
* * *
(قالَ فَما خَطْبُكَ يا سامِرِيُّ (٩٥) قالَ بَصُرْتُ بِما لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُها وَكَذلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي (٩٦) قالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَياةِ أَنْ تَقُولَ لا مِساسَ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِداً لَنْ تُخْلَفَهُ وَانْظُرْ إِلى إِلهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عاكِفاً لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفاً (٩٧) إِنَّما إِلهُكُمُ اللهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً (٩٨))
٩٥ و ٩٦ ـ (قالَ فَما خَطْبُكَ يا سامِرِيُّ؟) ... أي ما هي قصتك وماذا أردت من أمرك هذا الذي أتيت به ، وما حملك على إضلال الناس؟ (قالَ بَصُرْتُ بِما لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ) أريت ما لم يروا ، أي أنه رأى أثر حافر فرس جبرائيل عليهالسلام على الأرض فأخذ حفنة تراب من مكانه (فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ) أي رسول الله عزوجل ، وهي تراب الحياة الذي ذكرناه قريبا (فَنَبَذْتُها) قذفتها في النار مع المعادن الذائبة من زينة القوم (وَكَذلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي) وهذا هو الذي زيّنته لي نفسي الأمّارة بالسوء. فاعترف بعمله الشنيع ، وعمد موسى إلى العجل الذي صنعه لهم فأحرقه بالنار وألقاه في البحر على مرأى منهم جميعا وقال للسامريّ بعدها :