وفي بعض الروايات أن الله تعالى قال لآدم وزوجته : لا تقرباها ، فقالا : نعم ، ولم يستثنيا في قولهما ، ـ أي لم يقولا : إن شاء الله ـ فوكلهما الله في ذلك إلى نفسيهما وإلى تذكّرهما ، فنسيا. والله تعالى أعلم في كل حال.
* * *
(وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبى (١١٦) فَقُلْنا يا آدَمُ إِنَّ هذا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلا يُخْرِجَنَّكُما مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقى (١١٧) إِنَّ لَكَ أَلاَّ تَجُوعَ فِيها وَلا تَعْرى (١١٨) وَأَنَّكَ لا تَظْمَؤُا فِيها وَلا تَضْحى (١١٩))
١١٦ ـ (وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبى) : مرّ تفسيره وأن إبليس عليه لعائن الله استكبر عن السجود وعصا أمر ربّه.
١١٧ ـ (فَقُلْنا يا آدَمُ إِنَّ هذا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ) ... فنبّهنا آدم إلى أن إبليس عدوّ له ولزوجته حواء عليهماالسلام ، وأنه ربّما كاد لهما كيدا سيئا ومكر بهما مكرا خبيثا (فَلا يُخْرِجَنَّكُما مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقى) أسند الشقاء إلى آدم مع اشتراك حوّاء معه في الأكل والخروج ، وذلك لأنه لا يترقّب من النساء ما يترقّب من الرجال ، فما يصدر منها لا يعبأ به كثيرا ، وثانيا ربّما أريد بالشقاء التعب والمشقّة في طلب الرزق والمعاش وفي العبادة وغيرها ، فذلك من وظيفة الرجال ، ويؤيد ذلك ما بعد هذه الآية الكريمة من قوله سبحانه : (إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيها ..) إلخ .. مضافا إلى رعاية الفاصلة والتثنية لا تناسبها. بل يؤيد أن الشقاء هنا غير الشقاوة ، بل يعني المشقة والتعب ، قوله تعالى مخاطبا نبيّنا محمدا صلىاللهعليهوآلهوسلم : طه ، ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى ، أي لتتعب وتجهد نفسك.