لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقى (١٣١) وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْها لا نَسْئَلُكَ رِزْقاً نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعاقِبَةُ لِلتَّقْوى (١٣٢))
١٢٨ ـ (أَفَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ) ... أي أفلم ينكشف لهم طريق الهدى إلى ما يبيّن لهم (كَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ) كم أفنينا وأبدنا بالعذاب كثيرا من الأمم الماضية المكذّبة للرّسل كعاد وثمود وغيرهما. وعلى هذا التفسير تكون جملة : أهلكنا ، في محل رفع على أنها فاعل يهدي ، والتقدير : أفلم يهدهم إهلاكنا لمن قبلهم؟ وقيل إن الفاعل هو الضمير فيه ، الراجع إلى الله تعالى ، وضمير : لهم ، راجع إلى قريش الذين (يَمْشُونَ فِي مَساكِنِهِمْ) في مساكن الذين دمّرناهم بالعذاب لأنهم عصوا الرّسل. والجملة منصوبة مملّا بناء على أنها حال من لهم ، أي يمشون في قرى الأمم السابقة ، الخربة ، ويرون آثار هلاكهم ، أفلا يعتبرون حين دخولهم في منازل أهل الأحقاف والحجر في أسفارهم التجارية إلى الشام ، فإنهم يمرّون عليها ويشاهدون علائم عذابهم فلا بدّ لهم من الاعتبار والاتّعاظ ف ـ (إِنَّ فِي ذلِكَ) الأثر الظاهر أمام أبصارهم (لَآياتٍ) دلالات واضحة (لِأُولِي النُّهى) لذوي العقل والبصيرة.
١٢٩ ـ (وَلَوْ لا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ) .... أي : ولولا الوعد الذي أخذه ربّك على نفسه أن لا يعذب الأمة المرحومة بوجودك يا محمد ، وأنه أخرّ عذابها إلى الآخرة ، لولا ذلك (لَكانَ) العذاب (لِزاماً) لازما لهم وقت ارتكابهم للآثام .. (وَأَجَلٌ مُسَمًّى) معطوف على كلمة : لولا ، أي لولا الكلمة ولولا الأجل المضروب من عذابهم في الآخرة لعجّلناه لهم كما فعلنا بعضه في يوم بدر وغيره من العذاب العاجل.