فَكَشَفْنا ما بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْناهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا وَذِكْرى لِلْعابِدِينَ (٨٤))
٨٣ ـ (وَأَيُّوبَ إِذْ نادى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ) ... أي : اذكر أيوب الذي كان من ولد إسحاق بن إبراهيم عليهالسلام جميعا ، وأمّه من ولد لوط. وقد رزقه الله تعالى مالا كثيرا واختاره للنبوّة وبعثه إلى أهل قيسنة. وما كان في ذلك العصر أحد أكثر مالا منه ، وكانت مزارعه وبساتينه ومواشيه وأنعامه وغلمانه وإماؤه وخزائنه أكثر من أن تحصى وتعد ، وكان له من زوجته رحمة أو رحيمة بنت أفراييم بن يوسف سبعة أولاد ذكور أو اثنا عشر على رواية ، وسبع بنات أو سبع عشرة.
فهذا النبيّ الكريم (نادى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ) والضر بالفتح يطلق على كل ضرر ، وبالضم يختص بما في النفس كالأمراض والهزال ونحو ذلك (وَأَنْتَ) يا الله (أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ) هذا تعرّض منه بالدعاء لإزالة ما به من البلاء. وهو من ألطف الكنايات في مقام طلب الحاجة. ومثله قول موسى عليهالسلام : (رَبِّ إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ) ويأتي ذكر قصته في سورة ص إن شاء الله تعالى.
٨٤ ـ (فَاسْتَجَبْنا لَهُ فَكَشَفْنا ما بِهِ مِنْ ضُرٍّ) ... أي سمعنا دعاءه واستجبنا لطلبه ، وأزلنا الضرّ عنه وأمرنا بشفائه ومعافاته من المرض والآلام (وَآتَيْناهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ) أي أعطيناه أهله وأرجعناهم له. فعن ابن عباس وابن مسعود : ردّ الله سبحانه عليه أهله الذين هلكوا بأعيانهم ، وأعطاه مثلهم معهم ، وكذلك ردّ عليه أمواله ومواشيه بالأعيان والذوات وأعطاه مثل ذلك أيضا ، بنتيجة صبره على البلاء وشكره في الضرّاء كما في الرخاء. وعن الصادق عليهالسلام أنه قال : ابتلى أيوب سبع سنين بلا ذنب ... وهذه من بلاءات الأنبياء وعباد الله الصالحين.
* * *