٣٩ ـ (لَوْ يَعْلَمُ الَّذِينَ كَفَرُوا حِينَ لا يَكُفُّونَ عَنْ وُجُوهِهِمُ النَّارَ) ... أي : لو أن الكفار يعلمون الوقت الذي لا يستطيعون أن يدفعوا فيه النار عن وجوههم حين تلفحها بلهيبها (وَلا عَنْ ظُهُورِهِمْ) حين تحرقها ، لأنها تحيط بهم من كل الجهات فلا يقدرون على ردّها (وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ) يعانون على دفعها إذ لا ناصر لهم ولا شافع بهم. وجواب : لو محذوف ، تقديره : لو يعلمون ذلك لعرفوا صدق ما وعدوا به ولما استعجلوا ذلك ولما قالوا قولهم.
٤٠ ـ (بَلْ تَأْتِيهِمْ بَغْتَةً فَتَبْهَتُهُمْ) ... أي أن النار تأتيهم بعذابها الموعود فجأة فتوقعهم في البهت والحيرة فتصير حالهم كحال السكران في بعض حالات خبله فيكونون كالسكارى وما هم بسكارى ولكنّ عذاب الله شديد (فَلا يَسْتَطِيعُونَ رَدَّها) فيعجزون عن دفعها في تلك الحالة من هيجانها وتغيّظها (وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ) فلا يمهلون ساعتئذ كما أمهلناهم في دار الدنيا بأمل أن يتوبوا ويرجعوا عمّا هم فيه من الكفر ، ففي هذا الوقت تمّت حجتنا عليهم فلا منجاة لهم ممّا يقعون فيه.
ثم إنه تعالى يأخذ في تسلية نبيّه صلىاللهعليهوآله فيقول :
٤١ ـ (وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ) ... فهو تبارك وتعالى يخبره صلىاللهعليهوآله بأحوال الأمم السابقة وبما كان منهم مع أنبيائهم الكرام حيث سخروا منهم واستهزءوا بهم وآذوهم وفعلوا بهم مثل ما يفعل بك قومك ، فلا يزعجنّك ذلك لأن كفرة الأمم أهانوا رسلهم (فَحاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ) أحاط بهم جزاء استهزائهم بأقوالهم وأفعالهم ، وسنجزي قومك الذين يسخرون بمثل ما جزينا به المستهزئين السابقين بأنبيائهم ونفعل بهؤلاء كما فعلنا بأولئك من العذاب والانتقام.
* * *
(قُلْ مَنْ يَكْلَؤُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ مِنَ الرَّحْمنِ