٣٠ ـ (كَذلِكَ أَرْسَلْناكَ) ... أي : كما أرسلنا الرّسل قبلك (أَرْسَلْناكَ فِي أُمَّةٍ قَدْ خَلَتْ) مضت (مِنْ قَبْلِها أُمَمٌ) كثيرة. فأمّتك آخر الأمم وأنت آخر الرّسل (لِتَتْلُوَا) أي لتقرأ (عَلَيْهِمُ الَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ) وهو القرآن الذي أنزلناه عليك لتدعوهم إلى الله ... (وَإِلَيْهِ مَتابِ) يعني : إليه توبتي ومآبي ورجوعي. وروي أن جمعا من قريش كأبي جهل وعبد الله بن أميّة وأتباعهما ، كانوا جالسين حول الكعبة ، فأحضروا النبيّ صلىاللهعليهوآله وقالوا له : أنت تدّعي الرسالة من عند ربّك وتقول : هذا القرآن نزل عليك من عنده. فإذا كنت تريد أن نصدّقك فيما تقول ونتابعك وندين بدينك فاقرأ هذا القرآن على جبال مكة حتى تزول من أمكنتها وتسير إلى أمكنة أخرى حتى توسّع علينا الأرض ، واقرأه على أرضنا حتى تتقطّع وتتشقّق فتجري لنا أنهارا وعيونا فنستريح من الضائقة ونشرب المياه العذبة ونزرع ما نريد ، ثم أحي قصيّ بن كلاب من أجدادك مع أجدادنا حتى ننظر ما يقولون فيما تقوله فنؤمن بك إن آمنوا بك وصدّقوك. وأنت تقول إنك مثل عيسى بن مريم ، بل أعلى منزلة منه ، وإنه كان يحيي الموتى ويشفي المرضى ، فأت أنت أيضا بمثل تلك المعاجز حتى نؤمن بك وبما جئت به من كتابك ، فنزلت هذه الكريمة.
* * *
(وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتى بَلْ لِلَّهِ الْأَمْرُ جَمِيعاً أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنْ لَوْ يَشاءُ اللهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعاً وَلا يَزالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِما صَنَعُوا قارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيباً مِنْ دارِهِمْ حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللهِ إِنَّ اللهَ لا يُخْلِفُ الْمِيعادَ (٣١) وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَمْلَيْتُ لِلَّذِينَ