أبيهم بأنه لا يتأتّى للذّئب أن يأكله من بينهم وهم جماعة كثيرون ، وإن فعلها الذّئب فهم إذا ضعفاء خاسرون للمعركة مع الذّئب الضعيف عن التغلّب عليهم مع كثرتهم ، وما أبعد أن يكون ذلك بوجودنا ووفرة عددنا واعتدادنا بأنفسنا وشدة محافظتنا على أخينا .. ولا يخفى أن قولهم هذا من باب تهدئة خاطر أبيه إذ لا يعقل أن يصل إليه الذئب من بينهم.
* * *
(فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي غَيابَتِ الْجُبِّ وَأَوْحَيْنا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هذا وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ (١٥) وَجاؤُ أَباهُمْ عِشاءً يَبْكُونَ (١٦) قالُوا يا أَبانا إِنَّا ذَهَبْنا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنا يُوسُفَ عِنْدَ مَتاعِنا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ وَما أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنا وَلَوْ كُنَّا صادِقِينَ (١٧) وَجاؤُ عَلى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ قالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللهُ الْمُسْتَعانُ عَلى ما تَصِفُونَ (١٨))
١٥ ـ (فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي غَيابَتِ الْجُبِ) ... أي فلمّا أخذوه معهم وقرّروا ما قرّروا بشأن التخلص منه ، واتّفقوا جميعا على إلقائه في البئر. وجواب : لمّا ، محذوف هنا ، أي : لمّا أخذوه فعلوا ما فعلوا به من الأذى (وَ) حينئذ (أَوْحَيْنا إِلَيْهِ) أي ألهمناه وأفهمناه وحيا قائلين (لَتُنَبِّئَنَّهُمْ) تخبرنّهم يقينا (بِأَمْرِهِمْ هذا) أي بما فعلوه بك (وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) دون أن يحسّوا كيف يتمّ ذلك من فضيحة أمرهم.
وعن الإمام السجّاد عليهالسلام : لما خرجوا من منزلهم لحقهم أبوهم مسرعا فانتزعه من بين أيديهم فضمّه إليه واعتنقه وبكى ، ودفعه إليهم.