ونحن بهذه الحالة ونعود ونحن بهذه الكيفية (خَلْقاً جَدِيداً) كما خلقنا أول مرة. فتعجّبوا من قوله صلىاللهعليهوآله : أنتم مبعوثون ليوم لا ريب فيه. والاستفهام إنكاري وعلى الاستبعاد. وعن الصادق عليهالسلام : جاء أبيّ بن خلف فأخذ عظما باليا من حائط ففتّه ودقه ، ثم قال : يا محمد ، إذا كنّا عظاما ورفاتا أإنّا لمبعوثون خلقا جديدا؟ فأنزل الله تعالى : (قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ) إلخ.
٥٠ ـ (قُلْ كُونُوا حِجارَةً) ... كلمة كونوا أمر تمثيليّ يعنى لو صرتم مثلا بعنصركم الفعلي حجارة (أَوْ حَدِيداً) ذكر الحديد بعد الحجارة لأنه في نظرهم أشدّ.
٥١ ـ (أَوْ خَلْقاً مِمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ) ... أي من كل شيء له وقع واهمية عندكم كالسّماء والجبال ونحوهما مما خلق وهو عظيم في نظركم فإذا قلتم : (مَنْ يُعِيدُنا) بعد الفناء ويرجعنا أحياء ، نقول لكم : يعيدكم (الَّذِي فَطَرَكُمْ) خلقكم (أَوَّلَ مَرَّةٍ) وهو الله تعالى ، بقدرته الكاملة يحييكم ويبعثكم ليوم لا ريب فيه. وعن الباقر عليهالسلام : الخلق الذي يكبر في صدوركم : الموت. والمقصود المبالغة ، أي لو صرتم بأبدانكم نفس الموت فالله تعالى يعيدها وينشرها فضلا عن التراب والرفات حيث إن المنافاة بين الحجريّة والحديديّة ولا سيما الموت ، وبين قبول الحياة أشدّ من التّنافي بين العظم والتراب المتحوّل منه ومن اللّحم والدّم ونحوهما ، وبين قبول الحياة. فإن من يقدر على الإنشاء كان على الإعادة أقدر ، ومن يقوى على الإيجاد من العدم كان على الإيجاد من الوجود أقوى (فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُؤُسَهُمْ) أي يحرّكونها متعجّبين مستهزئين. يقال أنغض رأسه : حرّكه والنغض هو تحريك الرأس ارتفاعا وانخفاضا (وَيَقُولُونَ مَتى هُوَ) البعث والإعادة؟ (قُلْ عَسى أَنْ يَكُونَ قَرِيباً) حيث إن كلّ ما هو آت قريب والوجه واضح.