في الآيتين الكريمتين كان من أجل المبالغة في نفي الاعوجاج ، وهذا من أسرار القرآن وكمال بلاغته (وَخَشَعَتِ الْأَصْواتُ لِلرَّحْمنِ) أي سكنت لمهابة البارئ تعالى وعظمته التي تتجلّى في ذلك الموقف الرهيب (فَلا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْساً) أي فلا تسمع في ذلك الجمع الذي يشمل كافة المخلوقات إلا صوتا خفيّا لا يكاد يسمع.
١٠٩ ـ (يَوْمَئِذٍ لا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ) ... أي في ذلك اليوم العصيب لا ينال الشفاعة والعفو وطلب التجاوز إلّا من رخّص الله تعالى أن يشفع فيه (وَرَضِيَ لَهُ قَوْلاً) كان قد قاله في الدنيا وكان فيه بجانب الحق ولم يتّبع سبيل الغي.
١١٠ ـ (يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ) ... أي يعرف سبحانه جميع ما كان في حياتهم (بَيْنَ أَيْدِيهِمْ) لأنه لم يغب عن علمه شيء من أحوالهم (وَما خَلْفَهُمْ) من أحوال آخرتهم وما يكونون عليه (وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً) أي لا يحيط علمهم بمعلوماته ولا بذاته جلّ وعزّ.
١١١ ـ (وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ) ... أي خضعت وجوه المخلوقات وذلّت خضوع وذلّ العاني الأسير في يد من قهره وأسره ، وانقادت مذعنة لله الحيّ القائم على كل نفس من الأنفال وكلّ خطرة من الخطرات (وَقَدْ خابَ) خسر ووقع بالخيبة والفشل (مَنْ حَمَلَ ظُلْماً) أي من كان زاده للآخرة الشّرك والمعاصي.
١١٢ ـ (وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ) ... أما الذي عمل الأعمال الحسنة والتزم بأوامر ربّه ونواهيه وهو مصدق بجميع ما جاء عن ربّه على لسان رسله (فَلا يَخافُ ظُلْماً وَلا هَضْماً) فلا يحذر أن يمنع ثوابا يستحقه بالوعد ، ولا يظلم بزيادة سيّئاته ، ولا ينتقص حقّه بإنقاص حسناته وأفعاله الصالحة. وقيل لا يخشى إضافة سيئات غيره إلى سيئاته كما ورد في بعض أخبار الغيبة بالنسبة إلى الذي يغتاب الآخرين ، فإن فيها أن يؤخذ