سبحانه : (وَكَمْ قَصَمْنا مِنْ قَرْيَةٍ) : ضربناها ضربة قاطعة جعلت أهلها أشلاء (وَأَنْشَأْنا بَعْدَها قَوْماً آخَرِينَ) عاشوا مكانهم وفي بيوتهم وأرضهم.
١٢ و ١٣ ـ (فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنا إِذا هُمْ مِنْها يَرْكُضُونَ) ... أي لمّا شعروا بقرب نزول عذابنا عليهم ، وأدركوا أنه قد أحاط بختنصّر وجيشه بهم ، أخذوا يفرّون ويهربون مسرعين خوفا من بطشه وجبروته ، فكأنّ قائلا كان يقول لهم تهكّما واستهزاء : (لا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا) لا تهربوا مسرعين ، وعودوا (إِلى ما أُتْرِفْتُمْ فِيهِ) إلى النّعم التي كنتم تتلذّذون بها وتتقلّبون في رغدها (لَعَلَّكُمْ تُسْئَلُونَ) عن أعمالكم أو سيئاتكم الناس شيئا من دنياكم. هذا على قراءة المجهول (تُسْئَلُونَ) وأما على قراءة المعلوم (تُسْئَلُونَ) فالمعنى : لكي تسألوا العفو ممّن أحاط بكم فقد يرجع عن شيء مما قرّره من قتلكم وتخريب دياركم. والعبارة وقعت في موقع السخرية منهم وفي موقع الاستهزاء وعلى وجه الهتك لحالهم التي كانوا عليها. فأدركوا أن الأمر قد قضي وأن البلاء قد نزل ، فعندئذ :
١٤ ـ (قالُوا يا وَيْلَنا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ) : أي نادوا بالويل والثبور واعترفوا بأنهم كانوا ظالمين لنبيّهم الذي قتلوه ، ولأنفسهم بفعلهم الشنيع وبكفرهم وعنادهم ، أي بتكذيب النبيّين وقتل المرسلين.
١٥ ـ (فَما زالَتْ تِلْكَ دَعْواهُمْ) ... أي ما داموا يردّدون تلك الدعوى من الويل والتحسّر (حَتَّى جَعَلْناهُمْ حَصِيداً) إلى أن سوّيناهم كالزرع المحصود الملقى على الأرض (خامِدِينَ) موتى مطفئين كما تطفأ النار ، لا يتحركون ولا يلفظون نفسا.
* * *
(وَما خَلَقْنَا السَّماءَ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما لاعِبِينَ (١٦) لَوْ أَرَدْنا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْواً