إشكال في المقام والله أعلم بما قال. فكل شيء يسجد له سبحانه عند رغبة ورضا وتسليم كالملائكة والمؤمنين من الإنس والجن ، وعن غير رغبة ، بل اضطرارا وجبرا كما في الكفرة والفجرة فإن السجود أصعب عليهم من جميع العبادات كالصلاة والصوم وغيرهما من الأحكام ، فإنهم إن تعبّدوا لله بشيء من ذلك فإنما يتعبّدون مكرهين غير طائعين (وَ) كذلك تسجد (ظِلالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ) وهم في إكراههم على السجود يشبهون حال ملازمة ظلالهم في الغدوّ والآصال. والغدوة هي البكرة أو بين طلوع الفجر وشروق الشمس ، والآصال : جمع أصيل ، وهو هنا الوقت الواقع بين العصر والمغرب. وظلالهم عطف على : من كما لا يخفى. ولا يخفى أيضا أن لكل حادث ظلّا يتبع صاحبه في السجدة أو عدمها. وقيل إن كان ظلّ يسجد لله تعالى ولو كان ذو الظلّ لا يسجد ، أو إذا سجد ، سجد لغيره تعالى. وسجدة الظّل هي حركته التبعيّة من طرف إلى آخر ومن جهة إلى أخرى. والتخصيص بوقتي الغدوّ والآصال إما لخصوصية في هذين الوقتين لأن امتداد الظلّ يكون فيهما أظهر ، أو هو كناية عن الدّوام : أي منذ الصباح إلى المساء ومدة وجود النور. وقيل : أريد بالظلّ الجسد لأنه ظلّ الروح ، وهو ظلمانيّ والرّوح نورانيّ ، وهو تابع له يتحرك بحركته النفسانية ويسكن بسكونه النفساني ، والله أعلم.
* * *
(قُلْ مَنْ رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللهُ قُلْ أَفَاتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ لا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ نَفْعاً وَلا ضَرًّا قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُماتُ وَالنُّورُ أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللهُ