اختلفت الأثمار. وهذا دليل واضح على وجود الصانع ووحدانيّته تعالت قدرته ، وبعبارة أخرى يريد سبحانه وتعالى أن يبيّن أنّ في الأرض قطعا متجاورة متماثلة تسقى بماء واحد وتنتج هذه الحامض ، وهذه الحلو ، وتلك الرّطب ، والأخرى اليابس إلى غير ذلك من الاختلاف الذي لا يقع تحت حصر ولا يعوزه برهان (فِي الْأُكُلِ) أي في الثمر قدرا وطعما ورائحة وغير ذلك مما بيّناه آنفا (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) أي يتفكرون ويتعقّلون ، فإن الإنسان ليتعجّب حين يرى وردة واحدة تنبت على أصل واحد هي في غاية الرّقة والنعومة ، يبدو أحد وجوهها في غاية الحمرة ، والوجه الآخر قليل الاحمرار أو قريبا من البياض المشرب بلون غير مميّز ، ولا يستطيع عندها أن يؤمن بقول من ينسب ذلك إلى الطبائع الأرضية والفلكية ، بل يعتقد أن هذا الاختلاف والتلوين في الزهرة الواحدة هو من لدن مدبّر حكيم وصانع عليم ، والعلم بافتقار الحادث إلى محدث علم ضروريّ دون ادنى ريب.
* * *
(وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَإِذا كُنَّا تُراباً أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ أُولئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ وَأُولئِكَ الْأَغْلالُ فِي أَعْناقِهِمْ وَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (٥) وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ وَقَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمُ الْمَثُلاتُ وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلى ظُلْمِهِمْ وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقابِ (٦) وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ (٧))