الصحابة كانوا يفرّون في الحروب ، ويخلّون بين النبيّ صلىاللهعليهوآله وبين أعدائه ، ويعتذرون عن قتال الكفّار بأعذار واهية كاذبة. فهل كان منهم ما كان من عليّ عليهالسلام في دفاعه عن نبيّه ومحاماته عنه حتى نزل جبرائيل عليهالسلام من لدن الحق ينادي بين السماء والأرض : لا سيف إلّا ذو الفقار ولا فتى إلّا عليّ. ثم ندع جانب الشجاعة وننظر في ناحية العبادة والالتزام لنرى أيّا من الصحابة تبع نبيّه في عبادته الشاقّة التي قال الله عنها : ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى : أي لتتعب بالعبادة وقيام الليل ، سوى عليّ عليهالسلام الذي كان تابعا له كالظّل ، دائبا على قيام اللّيل معه حتى مطلع الفجر إلى جانب أنه كان بعده يصلّي تحت خمسمائة نخلة غرسها بيده الشريفة ، يصلّى تحت كلّ نخلة ركعتين حتى أن الإمام زين العابدين عليهالسلام كان يظهر العجز والجزع عن القيام بمثل عبادة جدّه أمير المؤمنين عليهالسلام إذا نظر في كتاب عبادته ثم يقول : من يقدر على ذلك؟ من يطيق عبادة جدّي؟ .. هذا إلى جانب أنه كان عليهالسلام يقول من على المنبر : قد اكتفى إمامكم من دنياه بطمريه ، ومن طعمه بقرصيه ، وكان يأكل خبز الشعير ويرفعه قبل أن يشبع ، وكان دأبه أن يؤثر الناس على نفسه وأهله ، وعلمه بأبي هو وأمّي ـ ممّا بالغ به أعداؤه وجاحدوه حتى رقى مرتبة لم يصل إليها أحد ، وقد كان رفيق النبيّ صلىاللهعليهوآله في المباهلة وكان أخاه وصهره ووصيّه ، ثم زحزحوه عن مقامه ونحّوه عن مقعده وقالوا فيه ما شاؤوا بل قالوا عن النبيّ : إنّه يهجر عند وفاته ، فأورثوه غصّة لا تنقضي .. فأين عليّ عليهالسلام في تبعيّة الرسول من غيره؟ وأين العدم الذي لم يبرز منه شيء ، من الوجود الذي هو مرآة الوجود المطلق في الإفاضة لجميع الفيوضات الإمكانية الروحانية والجسمانية على الموجودات ، بل من ثاني الوجود الذي هو الواسطة بين الخالق والمخلوق في الاستفاضة عن الخالق والإفاضة على المخلوق؟ فافتح عينيك أيها القارئ الكريم وانظر بعين الإنصاف واحكم بالواقع الذي هو بيّن كالشمس في رابعة النهار ، ودلّ على الخليفة اللائق بولاية أمور المسلمين