وكلّ وقت ، أو أنه قصد بها : المعظّم برفعه إلى السماء يوم طوفان نوح عليهالسلام أو بمنع الطوفان من أن يصل إليه ، أو لأنه منع فيه ما أجيز في غيره كاجتياز الجنب والحائض وغير ذلك ، وكالطواف حوله بكيفيّة مخصوصة ، وكغير ذلك من المناسك التي شرّعت فيه وفيما حوله وكلّ ذلك يدل على عظمته وحرمته (رَبَّنا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ) قد كرّر سلام الله عليه اسم ربّه ليكشف عن غاية حبّه له تعالى وعن كمال خلّته له فإن الإنسان إذا كان يحب شخصا يحب أن يكرّر اسمه في مقام الكلام عنه فيذكر اسمه مرّة وكنيته مرّة ولقبه أخرى أو يكرر اسمه بلا انقطاع ، بخلاف من يكرهه فإنه لا يذكر اسمه ولا يحب ذكره ، وهذا لا يخفى على كلّ ذي لبّ وإدراك والشاهد هو الوجدان. ولم نجد في القرآن الكريم ـ في مقام خطاب الأنبياء (ع) لله تعالى ـ ما نجده من قول إبراهيم عليهالسلام : ربّنا ، ربّنا ، مما يكشف عن الحب المفرط والتعلّق الشديد ولذا لقّب بخليل الله وألبسه الله تعالى هذه الخلّة من بين أنبيائه المكرمين كما لقّب سيدنا ونبيّنا محمدا صلىاللهعليهوآله بالحبيب لاقتدائه بجدّه إبراهيم في ودّه. و (اللام) في (لِيُقِيمُوا) لام الغرض ، ولذا فرّع عليهالسلام على هذا القول الدعوة التي هي في كمال المناسبة مع المقام والتي تكشف عن الالتفات إلى أقصى أمر تحمله دعوة الرّسل إلى العالمين ألا وهو الصّلاة ـ الركن الركين في الدّين ـ التي إن قبلت قبل ما سواها لتعظيمها وحرمتها ، فدعا لإسماعيل عليهالسلام وذرّيته ومن شارك في الصلاة في ذلك البيت ليكون ناجيا كإسماعيل (ع) وذريّته مع الشرائط التي تصح بها صلاة المصلّين ، وكلّ من صلّى صلاة صحيحة فيه كان إبراهيم عليهالسلام شريكا له في الأجر لأنه صار موفقا لإقامتها ببركة دعوته (ع) في ذلك المكان منذ ذلك الزمان (فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ) من : تدلّ على أن أفئدة وقلوب بعض الناس تميل إليهم بالحبّ والولاء. وقد استجيبت دعوة إبراهيم عليهالسلام فقد روي أنه لو قال : أفئدة النّاس ، لحجّت اليهود والنّصارى والمجوس وازدحمت فارس والروم ، لكنه (ع) قال : من الناس ، فهم المسلمون من الناس فقط.