يحوي مقدارا كبيرا من الجلوكوز ، الذي أصبح سلاحا للطّبيب في كثير من الحالات ، فهو شفاء فعّال للضّعف العامّ ، ويستعمل كثيرا في علاج التسمّم بالزرنيخ أو الزنبق ، ويكاد يكون العلاج الوحيد للتسمّم البولي وأمراض الكبد والاضطرابات المعوية والالتهاب الرّئوي والذبحة الصّدرية والتسمم في الحميّات حيث ترتفع حرارة الجسم إلى ما فوق درجتها المعتادة كالتيفوئيد وغيرها ، وفي احتقان المخّ وضعف القلب والحصبة وغير ذلك من الأمراض الخبيثة المستعصبة ، فسبحان من أودع فيه كلّ هذه الخواص ونبّهنا للانتفاع بها بقوله تعالى : (فِيهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ). والعسل مع الأدوية الحارّة شفاء للبلغم وبالاختلاط معها أيضا ومع الحموضات يفيد للصّفراء ، ومع الأدهان نافع للسّوداء (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً) أي في أمر النحل وما يخرج منه دليل وحجة واضحة على وجود صانع حكيم قادر (لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) في اختصاص النحل بتلك العلوم الدّقيقة والصّنائع العجيبة ، فإن كل من تفكّر وتدبّر فيها وعرفها يعلم علما قطعيّا أن صدور هذه الأمور والأفعال من مثل هذا الحيوان الضعيف ليس إلّا بإلهام مقتدر حكيم أودعه فيه وجعل في شرابه شفاء ، وفي التفكّر بأحواله وتدابيره يكون شفاء المرض من الجهل الذي هو رأس كل مرض وعنه يتشعّب الجحد والكفر والزندقة كما لا يخفى. وفي الرواية : قال أمير المؤمنين عليهالسلام : أنا يعسوب المؤمنين ، واليعسوب اسم لأمير النحل والزنابير المدبّر لأمرهم والجامع لشملهم والأمر فيهم بما فيه صلاحهم والناهي لهم عمّا فيه فسادهم. وقوله عليهالسلام : أنا يعسوب ، إشارة إلى أن مثلي فيهم مثل أمير الزنابير فيما ذكر من أوصافه ، وكما أن النحل لا يأكل مع أميره إلّا من الطيّب ، ولا يقع إلّا على الطاهر ، ولا يخرج منه إلّا ما فيه شفاء للناس وعافية لهم ، لأنه في صيدلية الحكمة الإلهية صار متّصفا بتلك الصفة ، فهو عليهالسلام مع شيعته متصف بتلك الأوصاف ومتّسم بهذه السّمة ، لا يأكلون إلا من الحلال ، ويجتنبون الخبائث ، ولا يجلسون إلا على ما طاب وطهر ، ولا يخرج من أفواههم إلا العلوم والمعارف والحكم الإلهيّة التي هي أحلى من العسل وفيها شفاء