أن يلتقط منه الذرّات غير المرئيّة في الأزهار بأفواهه فيأكلها ويتغذّى بها ، فإذا شبع التقط مرّة أخرى من تلك الأجزاء وذهب بها إلى بيته ووضعها هناك مدّخرة لنفسه غذاء فإذا اجتمعت الأجزاء المدّخرة فذاك هو العسل. (فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ) أي الطّرق الّتي ألهمك الله في صنع العسل وعمله (ذُلُلاً) اي حال كون السّبل مذلّله بأمره تعالى أو حال عن فاعل (فَاسْلُكِي) أي حال كونك منقادة ومقهورة لأمر ربّك هذا ، ولكن الظاهر هو الأوّل كما لا يخفى (يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِها شَرابٌ) هذا الكلام رجوع من الخطاب إلى الغيبة للالتفات ، لأن الغرض من هذا البيان أن يحتج المكلّف به على قدرة الله وحسن تدبيره فكأنّه عدل عن خطاب النحل بما سبق ذكره وخاطب الإنسان ، فيا أيها الإنسان اعلم بأننا ألهمنا النحل بذلك الترتيب لأن يخرج من بطونها شراب (مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ) والمراد بالبطون هو أفواهها لا بمعنى أن الشراب يتكوّن في أفواهها ويخرج عنها كما قيل بل بمعنى أنه بعد تكوّنه في بطونها من الموادّ المأكولة يخرج بكيفيّة اللّعاب من أفواهها لا من المخرج المعتاد المتعارف كما هو المتبادر إلى الذهن ، بل قيل به. والمراد بالشراب هو العسل والتعبير به إما لكونه من المشروبات بالطّبع كالرّوبة والحليب السخين الذين يخرج من الثّدي في أوائل الولادة ، أو لأنه نوعا يخلط مع المائعات ويشرب معها وقيل في وجه اختلاف ألوانه أن النحل بعضها حديث السن فالعسل منه أبيض ، وبعضها كبير السنّ فعسله أحمر ، ونادرا أخضر وأسود ، والبعض الآخر عمره متوسّط فالمخرج منه أصفر وقيل اختلاف الألوان بحسب الفصول وقيل بحسب الأزهار والثمر (فِيهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ) عن النبيّ صلىاللهعليهوآله : إن يكن في شيء شفاء ففي شرطة الحجّام وفي شربة عسل. وعن أمير المؤمنين عليهالسلام : لعق العسل شفاء من كلّ داء ، ثم تلا هذه الآية وقال هو مع قراءة القرآن ومضغ اللسان يذيب البلغم. وفي العيون عنه عليهالسلام : ثلاثة يزدن في الحفظ ويذهبن بالبلغم، وذكر هذه الثلاثة وهو دواء مجرّب ناجح لكثير من الأدواء ، ويفسده شرب الماء عليه. وقد أثبت الطبّ الحديث أن العسل