الفجور كناية عن الزّنى وكذلك البغيّ. مضافا إلى أنه لو كان المسّ في المقام أعمّ من الحلال والحرام لكان قولها بعد ذلك (وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا) لغوا ، إن يحمل ذلك على بعض المحامل التي لا وجه لها ... (قالَ) جبرائيل عليهالسلام مجيبا على استهجانها واستغرابها : (كَذلِكِ) أي الأمر كما تقولين وكما تزعمين ، ولم يمسسك بشر ، ولست بزانية والعياذ بالله ، ولكن (قالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ) أي في غاية السهولة ولا يشقّ عليه ذلك أبدا ، وهذا من باب المعجز (وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ) أي علامة لهم مدهشة ، وبرهانا على كمال قدرتنا (وَرَحْمَةً مِنَّا) على العباد إذ يهتدون بإرشاده (وَكانَ) أي إحداث الولد وإيجاده منك ، بلا أب كان (أَمْراً مَقْضِيًّا) مقدّرا من عنده سبحانه وسابقا في علمه ومسطورا في اللوح المحفوظ ، تعلّق من عنده سبحانه وسابقا في علمه ومسطورا في اللوح المحفوظ ، تعلّق به حكم الله في الأزل .. فرضيت بقضاء الله وسكتت عن المناظرة مع أمين الوحي فاقترب منها جبرائيل عليهالسلام ونفخ في كمّها أو في جيب مدرعتها ـ أي جبّتها المشقوقة من الأمام ـ أو في فمها ـ على اختلاف في الأقوال ـ فدخلت النفخة في جوفها فأحسّت في الساعة التي نفخ فيها بالحمل كما تدل عليه كلمة (فاء التفريع) في مطلع الآية التالية.
* * *
(فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكاناً قَصِيًّا (٢٢) فَأَجاءَهَا الْمَخاضُ إِلى جِذْعِ النَّخْلَةِ قالَتْ يا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هذا وَكُنْتُ نَسْياً مَنْسِيًّا (٢٣) فَناداها مِنْ تَحْتِها أَلاَّ تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا (٢٤) وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُساقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيًّا (٢٥) فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْناً فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً