(وَمِمَّنْ هَدَيْنا وَاجْتَبَيْنا) أي اخترنا. والجارّ ومدخوله خبر للضمير الراجع إلى الأنبياء المذكورين سابقا. والواو للاستئناف. ويحتمل أن تكون الآية الكريمة كلاما مستأنفا تقديره : وممّن هدينا واجتبينا من الأمم قوم .. فحذف المبتدأ لدلالة الكلام عليه كما روي عن الإمام علي بن الحسين عليهالسلام. ولا يبعد أن يكون العطف على قوله تعالى : من النبيّين ، والمراد منه غير النبيّين من الأوصياء والأصفياء والأخيار والزّهاد والعبّاد وغيرهم ممّن هداهم الله واختارهم للعمل بما يرضيه ، وصفهم بهذا الوصف من الخشوع والتسليم والرهبة والرغبة : (إِذا تُتْلى) إن تقرأ (عَلَيْهِمْ آياتُ الرَّحْمنِ) أي آياته المنزلة التي تتضمّن الوعد والوعيد (خَرُّوا سُجَّداً) انكبّوا على الأرض يتلقّون الأرض بجباههم خضوعا وخشية. وكلمة سجّد ، جمع ساجد ، أي حال كونهم ساجدين متعبّدين (وَبُكِيًّا) جمع باك ، وأصله بكوي على فعول كسجود وقعود ، قلبت الواو وأدغمت وكسر ما قبلها ، أي حال كونهم باكين.
* * *
(فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَواتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا (٥٩) إِلاَّ مَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ شَيْئاً (٦٠) جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمنُ عِبادَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّهُ كانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا (٦١) لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً إِلاَّ سَلاماً وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيها بُكْرَةً وَعَشِيًّا (٦٢) تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبادِنا مَنْ كانَ تَقِيًّا (٦٣))