وإن قيل : أيّ شيء يترتّب على نسبة الولد إليه تعالى ، ليرتّب على ذلك تلك الآثار العظيمة والحوادث المهمّة في السماوات والأرضين والجبال ، ثم يهتمّ كمال الاهتمام بنفي تلك النّسبة وردّها بمثل قوله سبحانه : (وَما يَنْبَغِي لِلرَّحْمنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً)؟ .. فيمكن أن يجاب بأن هذه النّسبة مستلزمة للوازم وتوالي فاسدة ، منها : مسألة التجسيم الذي يترتّب عليه الحدوث بناء على كون الولد يأتي من ناحية التولّد المتعارف المعهود ، الذي من لوازمه الجسم كما أن من لوازمه الحدوث اللّذان يكونان بذاتهما مسبوقين بالعدم ومتغيّرين بالذات. وليس مرادنا بالحدوث ، إلّا ما كان متّصفا بهذين الوصفين أو بأحدهما على وجه مانع للخلوّ على ما برهن عليه في محلّه. وأمّا القول بالولد من جهة التبنيّ فيلزمه الاحتياج ، لأن طلب الولد وتبنّيه يكون لأمور : منها المعاونة ، ومنها الأنس به والمؤالفة معه ، والتزيّن به والاستظهار ؛ ومآل كلّ ذلك الحاجة والفقر إلى الغير ، وهما من لوازم الممكن ، والإمكان لا يجتمع مع واجب الوجود بالذات ، فتكون النتيجة أنّ من قال بالنبوّة فهو كافر ومنكر لصفة الألوهية وملحد أيضا لم ينزّه ربّه عمّا ليس فيه. فإن قلت : إن المنكرين والملحدين كثيرون في الدنيا ، فما وجه اهتمامه تعالى بالرّد والنفي لما ينشأ من ناحية القول بالنبوّة؟ قلت : لعلّ الوجه أن علل ومناشئ هذا الإنكار قريب للقبول في أذهان العوامّ بل بعض الخواصّ ، ولذا نرى أن الردّ والنفي راجع إلى ناحية العلّة كما أنه راجع إلى ما يترتّب عليها ويلازمها. بيان ذلك أن إضافة الملائكة إليه تعالى وأنها بناته ومختصّة به قد يكون في أنظار العوام وتفكيرهم أن الملائكة بصورة البنات الجميلات ، ولذا نرى المصوّرين يرسمون الملائكة بتلك الصور الفاتنة. وفي بدوّ الأمر يخطر بالبال أن وجودهنّ لا بد أن يكون من ناحية التولّد من الغير والتناسل ، والغير الذي يستولدهنّ لا يكون إلّا هو تعالى لما قلنا من اختصاصهن به وإضافتهن إليه ، جلّ وعلا عن ذلك علوّا كبيرا!!.