قال علي بن إبراهيم : إن يحيى بن أكثم سأل مسائل وعرضها على أبي الحسن الهادي علي بن محمد الجواد عليهماالسلام ، إحداها أن قال : أخبرني أسجد يعقوب وولده ليوسف وهم أنبياء. فأجاب أبو الحسن (ع) : أما سجود يعقوب وولده فإنه لم يكن ليوسف ، وإنما كان ذلك طاعة لله منهم وتحية ليوسف كما أن السجود من الملائكة كان منهم طاعة لله وتحية لآدم عليهالسلام. ونحن نقول : كلا السجودين كانا عبودية لله وإجلالا لعظمته ، لا عبودية لآدم ولا ليوسف عليهماالسلام ، وذلك كسجودنا على التربة الحسينية المشرّفة وغيرها مما يصحّ السجود عليه ، فإنه لا يجعل التربة ولا غيرها معبودا ولا صنما ولا وثنا كما يرمينا به غيرنا.
وقيل إنه كان بين رؤياه وبين تأويلها أربعون سنة ، وقيل ثمانون. فقد قال : هذا تأويل تلك الرؤيا قد تحقق والحمد لله (وَقَدْ أَحْسَنَ) الله تعالى (بِي) أي لطف بي (إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ) بعد تلك الفرية ، وتابع تعداد نعم الله عليه منذ إلقائه في الجب إلى يومه هذا حيث منّ سبحانه عليه بالحفظ (وَجاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ) لأنهم كانوا من أصحاب المواشي يرتحلون في طلب الكلأ والمراعي لمواشيهم ينتجعون مواطن الخصب ـ جاء بكم إلى هذا الملك بعد البداوة (مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي) أي بعد أن أفسد الشيطان بينهم وتحرّش بهم فأوقعهم في الحسد فارتكبوا ما ارتكبوه ، وقد أزال الله تعالى ذلك كله (إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِما يَشاءُ) وقد شاء بلطفه أن جمع شملنا وألّف بيننا بعد تلك الوحشة فصار إخوتي أعضاد عملي وزينة مجلسي أقوياء بقوّتي وأصحاب شهامة وشجاعة وعزة لأنهم أولاد أنبياء ومن نبلاء الناس (إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ) الذي لا يفعل إلّا ما فيه عين الحكمة وتمام المصلحة لأنه عالم بعواقب الأمور ومصائر الخلق.
وعن الإمام الهادي عليهالسلام أن يعقوب قال لابنه : أخبرني ما فعل بك إخوتك حين أخرجوك من عندي. قال : يا أبت اعفني من ذلك. قال : أخبرني ببعضه. قال : إنهم لمّا أدنوني من الجب قالوا : انزع