مخاريق من نار يسوق بها السحاب. والمخاريق : جمع مخراق ، وهو بالأصل ثوب يلفّ ويضرب به الصّبيان بعضهم بعضا وهو معروف عند الناس ويسمّى بالفارسية (درنه) والمراد به هنا البرق ، يعني أن البرق آلة تزجر بها الملائكة السحاب وتسوقه. وعن ابن عباس : البرق سوط من نور الله تزجر الملائكة به السحاب. واعلم أن حدوث البرق دليل عجيب على قدرة الله تعالى ، بيان ذلك أن السحاب جسم مركّب من أجزاء رطبة مائية ، ومن أجزاء هوائيّة وناريّة ، ولا شك أن الأجزاء الغالبة هي المائية ، والماء جسم رطب بارد ، والنار جسم حارّ يابس. وقد كوّن السحاب الضدّ مع الضدّ ، وأظهر الضدّ من الضدّ حين أظهر منه البرق ، وذلك على خلاف العقل والعادة ، فلا بد من صانع قادر مختار يظهر الضدّ من الضد. وقد أجيب عن هذه المسائل بأجوبة علميّة بعضها صحيح قطعا كحصول البرق من احتكاك الغيوم ببعضها ونشوء كهربائيتها وبعضها لا محصّل له ، وكلّها تجعلنا نعترف بعدم وصول عقولنا وأفهامنا إلى معرفة أسباب جميع الآيات الأرضية ، فكيف بالسماء وآياتها التي تصدر عن قادر حكيم وليست أمرا طبيعيّا سهلا يمكن تفسيره ، فسبحان من أنشأ السماوات والأرض وما فيهما وبينهما من العدم وجعلها آيات بيّنات لقوم يعقلون!.
وأما كيفية تسبيح الرعد ، فلو قلنا بما في الرواية التي ذكرناها سابقا من أن الرّعد ملك فإن تسبيح الملك ليس بعجيب إذ أن الملائكة خلقت للتسبيح الدائم والتعظيم بجانب ما تقدم به من وظائفها ، وإنّ التسبيح بالنسبة للملائكة هو كالغذاء بالنسبة لبني آدم. ومع قطع النظر عما في الرواية فإن الرعد هو صوت السحاب ، وصوته هو تسبيحه كما أن حفيف الشجر ودويّ الماء ـ صوتهما المسموع منها عند الحركة ـ هو تسبيحهما على ما هو مذكور في بعض أدعية الإمام عليهالسلام. هذا ، وكون الرعد صوت السحاب يستفاد من بعض الروايات في الباب ، ففي الأمالي أن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بعث رجلا من أصحابه إلى بعض جبابرة العرب يدعوه إلى الله فلم يقبل فأرجعه إليه ثانيا وثالثا ، وبينا هو يكلّمه إذ رعدت