هي للتبعيض لأنه لم يكن له الملك كلّه بل كان له شيء منه فعن الإمام الباقر عليهالسلام : إن الله تعالى لم يبعث أنبياء ملوكا إلا أربعة ... إلى أن قال : وأما يوسف فقد ملك مصر وبراريها ولم يتجاوزها إلى غيرها .. (وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ) فأفهمتني ما يؤدي بي إلى معرفة ما لا يعرفه غيري ، فسبحانك يا (فاطِرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) أي مبدعهما وخالقهما من العدم إلى الوجود : (أَنْتَ وَلِيِّي) أي متولّي أمري وناصري (تَوَفَّنِي مُسْلِماً) أي اقبضني إليك على الإيمان بك والتسليم إليك (وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ) واجعلني مع صالحي عبادك الذين ارتضيتهم. وقد قال أبو عبد الله الصادق عليهالسلام : لمّا جمع الله شمل يعقوب ، وأقرّ عين يوسف ، وأتمّ له رؤياه ، وّ وسّع عليه في ملك الدّنيا ونعيمها ، علم أن ذلك لا يبقى له ولا يدوم فطلب من الله نعيما لا يفنى ، واشتاقت نفسه إلى الجنّة فتمنّى الموت ودعا به ، ولم يتمنّ ذلك نبيّ لا قبله ولا بعده فقال : ربّ قد آتيتني إلخ .. فتوفاه الله بمصر وهو نبيّ فدفن في النيل في صندوق من رخام ، وذلك أنه لما مات تشاحّ الناس عليه وكان كلّ يحب أن يدفن في محلّته لما كانوا يرجون من بركته ، فرأوا أن يدفنوه في النيل فيمر الماء عليهم جميعا فيستفيدون من بركاته كلهم فكان قبره في النيل في صندوق من رخام.
وعاش يعقوب (ع) مائة وسبعا وأربعين سنة ، ودخل مصر على يوسف وهو ابن مائة وثلاثين سنة وكان بمصر سبع عشرة سنة ، ثم توفي ونقل إلى بيت المقدس في تابوت من ساج ووافق ذلك يوما مات فيه أخوه عيصو فدفنا في قبر واحد ، فمن ثم ينقل اليهود موتاهم إلى بيت المقدس.
وقد رجع يوسف (ع) من تشييعه إلى مثواه المذكور بوصية منه (ع) وعاش يوسف بعد أبيه ثلاثا وعشرين سنة. وعن أبي جعفر عليهالسلام أنه قال : عاش يعقوب مع يوسف عامين. وقال الراوي سألته : فمن كان الحجة لله في الأرض يعقوب أم يوسف؟ قال : كان الحجة يعقوب وكان الملك ليوسف ، وكان يوسف يعد يعقوب الحجّة ورسولا نبيّا ، أما تسمع