ما شئت واحكم كما كنت سابقا ، فآمن فرعون بدين يوسف (ع) أي بدين يعقوب أبيه وقال : أنت أولى منّي بالملك وأجدر بالحكم فابق على ما أنت عليه من سياسة الدولة. وثانيتهما حين دعا ربّه قائلا : توفّني مسلما وألحقني بالصالحين ، فطلب منه سبحانه نزع ثوب الملوكية عنه ليلحق بصالحي آبائه في جنات الله ومرضاته بعد أن رأى ملك الدنيا زائلا ونعيمها باطلا وأن النعيم الدائم والملك الباقي هو في الآخرة. وقيل إنه بعد طلبه هذا لم يبق حيّا إلّا أياما قلائل ، وقد مدحه الإمام الصادق عليهالسلام أيضا بأنه تمنّى الموت وهو في ذلك المقام السامي الرفيع ، ولم يتمنّ ذلك نبيّ قبله ولا بعده. ولعله يقصد أنه لم يتمنّ ذلك نبيّ ممّن أعطاهم الله الملك مع النبوّة ، فإن هذا التمني ـ مع الملك والطاعة المرضية والعمل المقبول ـ له أهمية عظمي. فيوسف عليهالسلام ذو مقام سام وذو خصائص رفيعة عرفت أكثرها لم تكن لغيره من النبيّين ، ولذلك كان يذكره نبيّنا صلىاللهعليهوآله في كثير من الموارد ويشير إلى صفاته الكريمة وأخلاقه السامية وأفعاله الطيبة. وفي الإكمال عن الإمام الصادق عليهالسلام عن أبيه ، عن جدّه ، عن رسول الله صلوات الله عليهم جميعا ، عاش يعقوب بن إسحاق مائة وأربعين سنة ، وعاش يوسف بن يعقوب مائة وعشرين سنة. وعن الصادق (ع) أن الله تعالى أوحى إلى موسى بن عمران أن أخرج عظام يوسف من مصر ، فاستخرجه من شاطئ النيل وكان لا يزال في صندوق المرمر ، فحمله إلى بيت المقدس كما أشرنا.
وعن الإمام الهادي عليهالسلام : لما مات العزيز في السنين المجدبة افتقرت امرأته زليخا ، واحتاجت حتى سألت. فقالوا لها : لو قعدت للعزيز ـ أعني ليوسف (ع) ـ ومعنى قولهم : لو اعترضتيه في الطريق فقالت : أستحيي نه. فلم يزالوا بها حتى قعدت له. فأقبل يوسف في موكبه فقامت فقالت له (ما قد ذكرناه منذ قليل في حذره معها) فقال لها يوسف : أنت تيك؟ أي صاحبته في المراودة عن نفسه. فقالت : نعم. فقال لها : هل لك فيّ رغبة؟ قالت : دعني ، بعد ما كبرت؟ أتهزأ بي؟ قال : لا. قالت : نعم.