استواء نسبة الأشياء إلى الواجب ظهورا وانكشافا في حالتي الوجود والعدم وعدم اختلافها بالنسبة إليه أزلا وأبدا في الغيبة والحضور مع كونها في الأزل معدومة صرفة وفي الأبد موجودة في الخارج؟! ؛ وما المصحّح لكون الأشياء منكشفة عند الواجب في الأزل مع كونها معدومة فيه؟ ؛ وكيف يكفي وجوداتها اللايزالية لوجوداتها في الأزل للواجب ـ سبحانه ـ؟ ؛ فانّ وجوداتها اللايزالية الخارجية لو اقتضت كونها موجودة في الأزل أيضا لزم أن يكون موجودة خارجية في مرتبة ذات الواجب ؛
قلنا : المراد ـ كما تقدّم ـ انّ كلّ حادث في وقت وجوده منكشف عنده ـ تعالى ـ مع كونه في الأزل ، لا انّه موجود في الأزل.
فان قيل : ما مصحّح هذا الانكشاف مع كون الحادث معدوما في الأزل؟ ؛
قلنا : المصحح هو وجوده الخارجي اللايزالى بملاحظة استواء نسبة جميع الموجودات ـ أزلية كانت أو ابدية ، مجرّدة كانت أو مادية وجميع الأزمنة والحوادث الواقعة فيها ـ إلى الواجب ـ سبحانه ـ ، فالوجود الخارجي بعد تحقّقه في أيّ وقت كان يكون حاضرا عنده ـ تعالى ـ في الأزل والأبد على نحو واحد ، لانّ المحيط بالزمان والدهر والمتقدّس عن الوقوع في الامتداد والتغيّر يكون نسبته إلى الأمور المتحقّقة الثابتة في أيّ وعاء كان وفي أيّ جزء من هذا الوعاء كان نسبة واحدة ثابتة مستمرّة من الأزل إلى الأبد ، واستواء هذا النسبة المقتضي لكون الموجود فيما لا يزال منكشفا عنده ـ تعالى ـ بمقتضى وجود هذا الحادث للواجب ـ سبحانه ـ في الأزل وان لم يكن موجودا فيه لو قطع النظر عن كون الواجب ـ سبحانه ـ بمعنى انّ وجوده اللايزالى ثابت للواجب في الأزل وإن لم يكن / ١٦٠ MA / ثابتا لنفسه فيه. وهذا أمر جائز يعطى التأمّل صحّته ووقوعه. فانّ في مثال الحبل المذكور لا ريب في أنّ كلاّ من الجزء المتحقّق فيه في آخره وجد فيه العلّة الّتي محاذية بهذا الجزء لا يكون متحقّقا في أوّله ولا عند حدقة الحبلة المحاذية لأوّله ولا متحقّقا في البعد المنفصل عن ابتداء الحبل ، ومع ذلك متحقّق لمن اتسعت حدقته ويرى جميع الحبل وما هو منفصل عنه دفعة فكذا الحال بعينه فيما نحن فيه ؛ فانّ الوجود اللايزالي لكلّ حادث ـ سواء كان جزء من الزمان / ١٥٩ DA / أو أمرا متحقّقا فيه ـ لا يكون موجودا في جزء آخر