ـ سبحانه ـ فما وجه تخصيص موسى ـ عليهالسلام ـ بكونه كليم الله من بينهم؟.
ودفع ذلك : بأنّ القائه ـ سبحانه ـ الكلام إلى جميع الأنبياء بتوسّط الملائكة من جبرئيل أو غيره ، والالقاء بدون / ٢١٤ DA / توسّط الملك انّما هو الالقاء الّذي حصل لموسى ـ عليهالسلام ـ في الطور.
ويمكن دفع الايراد الثاني بأنّه يجوز أن يخلق الله ـ تعالى ـ الكلام في هواء خاصّ له خصوصية وضع بالنسبة إلى موسى ـ عليهالسلام ـ دون غيره ؛
وبأنّه يجوز أن يوجد الله ـ تعالى ـ مانعا في سمع من هو قريب منه ؛
وبأنّه ربما أوجد الله ـ تعالى ـ الصوت لموسى ـ عليهالسلام ـ في الهواء الّذي في صماخه ، فلا يلزم سماع غيره.
ثمّ الايراد الثاني يرد على الجواب الثاني أيضا لو اعتبر فيه الوجود الخارجي للصوت والحرف ، ودفعه بمثل ما ذكر في دفعه من الجواب الثالث كأن يقال : إنّه ـ تعالى ـ أوجد الصوت في الهواء المجاور لصماخه ، وكونه من جميع الجهات باعتبار أنّ نسبته إلى جميع الجهات على السواء ؛ هذا.
والصحيح في الجواب أن يجمع بين الوجهين الأخيرين بأن يقال : إنّه ـ عليهالسلام ـ سمع الكلام بصوت وحرف خارجيين من جميع الجهات وكان ملقي الكلام هو الله ـ سبحانه ـ من غير كسب لأحد من خلقه ، فنحن وإن سمعنا كلام الله ـ سبحانه ـ لكن لا نسمعه من الله ـ تعالى ـ بخلاف ما سمعه موسى ـ عليهالسلام ـ ، فانّه يسمع من الله ـ تعالى ، أي : يكون ملقي الكلام الّذي سمعه موسى عليهالسلام هو الله تعالى ـ ، فهذان الوجهان ـ أعني : السماع من جميع الجهات وكون الملقى هو الله تعالى ـ هما الباعثان لاختصاص موسى بكونه كليم الله ـ تعالى ـ.
وربما يجمع في الجواب بين الوجوه الثلاثة ، وهو أيضا لا يخلوا عن قوّة ؛ بأن يقال : إنّه ـ عليهالسلام ـ سمع الكلام من جميع الجهات لا بألفاظ موجودة في الخارج بل بألفاظ مثالية ، وكان ملقيها هو الله ـ سبحانه ـ من دون توسّط أحد من خلقه ، وتحقّقه
باعتبار الوجود الخارجي ـ الّذي هو التحقق في الهواء ـ ليس شرطا للوحى قبل