شيء أعمّ من أن يكون عدما واقعا في الآن بدون اختصاصه بالمتكلّم أو عدما واقعا في الآن باعتبار اختصاص المتكلّم به ، لأنّ حكمه لا يكون واقعا في آن مخصوص بالمتكلّم. فالمنفيّ في كلام المحقّق هو الحكم الواقع في الآن باعتبار اختصاص المتكلّم به بمعنى كون وجوده مختصّا به ليس قبله ولا بعده ، لأنّ وجوده ليس مختصّا بزمان دون زمان ، فيصحّ ذلك النفي عنه ؛ وليس المنفي هو الحكم الواقع في الآن مع قطع النظر عن اختصاص المتكلّم به ، فانّ ذلك جائز بالنسبة إليه ـ تعالى ـ. ومعنى قوله : « انّه يحكم على شيء بأنّه موجود في آن وجوده » : لا يحكم على شيء بأنّه موجود في آن وجوده ـ سبحانه ـ بالمعنى المذكور ـ أي : في الآن المخصوص به ـ. وعدم هذا الحكم لأنّه لا يكون وجوده مخصوصا بزمان حتّى يكون معدوما في غيره ، بل هو موجود في جميع الأزمنة. ومعنى قوله : « والمقصود انه ـ تعالى ـ منزّه عن أن يقال : انّ بعض الأزمنة ـ ... إلى آخره ـ » : انّه ـ تعالى ـ ليس بحيث يوجد بعض الأزمنة قبل وجود الواجب حتّى يكون ماضيا بالنسبة إليه بهذا المعنى ـ أي : يكون ماضيا بالنسبة إلى تمام مدّة وجوده ـ ؛ وكذا بعضها لا يوجد بعد وجود الواجب حتّى يكون مستقبلا كذلك ، وكذا لا يكون الزمان الّذي مع وجود الواجب زمانا مختصّا بوجوده بحيث لا يكون وجوده قبل ذلك الزمان ولا بعده. فتحقق الماضي / ١٧٩ MA / والمستقبل والحال بهذا المعنى للواجب باطل ، لأنّ وجوده ـ تعالى ـ لا قبل له ولا بعد له ، بل أزلي وأبدي فلا مضيّ ولا حال ولا مستقبل بهذا المعنى له وإن وجدت هذه الأوصاف الثلاثة له باعتبار تغيرات الزمان. ومقصود المحقّق نفي الثلاثة بالمعنى المذكور عن الواجب لا بالمعنى المنوط بتغير الزمان. هذا هو مراد العلاّمة الخفري ـ رحمهالله ـ في تأويل كلام المحقّق.
وأنت تعلم انّه لا يطابق الواقع ولا كلامه ؛ لما عرفت من كونه ـ سبحانه ـ خارجا عن حيطة الزمان متعاليا عنه ، فلا يتحقّق هذه الأوصاف الثلاثة بالنسبة إليه ـ تعالى ـ أصلا ـ لا باعتبار المعنى المذكور ولا باعتبار تغيّرات الزمان ـ.
ثمّ ما ذكره الخفري ـ رحمهالله ـ أخيرا بقوله : « لكنّا أيضا لا نحكم على شيء بأنّه موجود هناك ـ ... إلى آخره ـ لا يخلّ بالمقصود » يرد عليه انّ المقصود هو انّه ليس علمه