بنحو وجودها على ما هي عليه ـ ومن جملتها الجزئيات المتغيّرة وهي حاضرة قبل وجودها على وجه الإجمال ، أي : بالعلم المقدّم / ١٨١ MB / على الايجاد ، أعني : بالعلم الّذي هو نفس ذاته تعالى ـ لا على وجه التفصيل ، وعدم انكشافها بوجه التفصيل قبلها لا يكون نقصا للواجب تعالى لعدم كمالية علم التفصيلي له تعالى ، فكذا عند من يقول بحصول عدم ارتسام الجزئيات في ذاته ـ تعالى ـ على وجه التغيّر والتجدّد المستلزم للآلة المتجزّئة مع ارتسامها على وجه أعلى وأشرف ـ أي : الوجه التجرّدي ـ لا يوجب نقصا البتّة ، فالتكفير عليه غير صواب.
فلو قلت : سبب التكفير على القائلين بالحصول ـ ومنهم الشيخ ـ هو انّه يلزم خروج الجزئيات على نحوها المتغير من تأثيره ـ تعالى ـ ، والقول به يوجب تعدّد الواجب. بيان اللزوم : إنّه إذا كانت تلك الصور وسائط وشرائط لوجوداتها وهي لا تعين ولا تخصّص تلك الجزئيات فلا يصدر من الواجب ، فيجب انتهائها إلى واجب آخر ؛ وهو كفر صريح.
قلت : كون تلك الصورة مجرّدة لا يمنع أن تكون واسطة لايجاد الأمور الجزئية المادّية وإلاّ يلزم عدم وصول الوجود من المجرّد إليها قطّ ، والواقع خلافه لصدور المادّي ـ كالفلك ـ من العقل المجرّد فما هو وجه التخصيص هاهنا فهو وجهه هناك. وإذا علمت هذا فيجوز أن تكون تلك الصور الّتي هي مفاتيح الغيب عندهم وسائط نزول الوجود من الله ـ تعالى ـ إلى هذه الجزئيات المتغيّرة المتجدّدة ؛ ومع هذا ليست كمالا له ـ تعالى ـ ، بل الكمال هو منشأ تلك الصور وهو كون الواجب بحيث يصدر عنه تلك الصور منكشفة من غير صورة أخرى ، وبواسطتها تصدر عنه الأشياء العينية.
هذا نهاية التوجيه من قبل القائلين بالعلم الحصولي.
ولكن المستبان بالبرهان ـ على ما سبق ـ : انّ علمه ـ تعالى ـ بالأشياء يجب أن يكون بالحضور ـ أي : بحضور ذاته لذاته ـ الّذي هو منشئا لكلّ حضور. بل هو حضور كلّ شيء ، لأنّا نجد انّ العلم بكل شيء ـ سواء وجد أم لم يوجد ـ يكون كمالا للموجود بما هو موجود ، وكلّ ما هو كمال للموجود بما هو موجود يجب أن يكون ثابتا لله ـ تعالى ـ