المفروض انّ العلم بالجزئيات المتغيّرة من حيث انّها متغيرة منحصر في جهة الإحساس ، وهو ممتنع في حقّه ـ سبحانه ـ ؛ فيلزم أن لا يكون القول بأنّ العلم بالعلّة يوجب العلم بالمعلول كلّيا ، فلا يتمشّى حينئذ احاطة علم الواجب بجميع الأشياء.
ثمّ انّه قد أورد على حديث التعارض : بأنّه لا يتصوّر التعارض بين ما يوجبه المقدّمة القائلة بأنّ العلم بالعلّة يوجب العلم بالمعلول وبين نفي علم الواجب بالجزئيات علما زمانيا متغيّرا ، فانّ العلم هناك مطلق وهناك مقيد ، فلا يظهر وجه للزوم التعارض. والحاصل : انّ المقدمة القائلة بأنّ العلم بالعلّة يوجب العلم بالمعلول تفيد العلم بجميع الأشياء ـ سواء كانت كلّية أو جزئية ، متغيرة أو غير متغيرة ـ. ونفيهم العلم الزماني المتغيّر عن الواجب لا ينافي ذلك ، فانّ المنافي للعلم الزماني المتغير قابل لعلمه ـ تعالى ـ بالجزئيات الزمانية المتغيرة. إلاّ انّه يقول انّ علمه بها بحيث لا يوجب التغير في علمه ؛ إمّا لذهابه إلى أنّ علمه بها على سبيل الكلّية ـ كما ذهب إليه الشيخ وأمثاله ـ ؛ وإمّا لذهابه إلى أنّ جميع الجزئيات من حيث هي جزئيات حاضرة عنده ـ تعالى ـ باحد الوجهين اللّذين ذكرناهما. وعلى هذا فلنا منع ما ذكره المحقّق من ادراك / ١٧٦ MB / الجزئيات المتغيّرة من حيث هي متغيرة لا يمكن إلاّ بالآلات الجسمانية ، لأنّ ادراك الجزئيات المتغيّرة من حيث هي متغيرة إنّما يكون بالآلات الجسمانية بالقياس إلينا ، لا بالنظر إلى الواجب ـ لما ذكرناه من الوجهين ـ.
وإذ عرفت انّ الكلام المذكور المنقول من شرح الرسالة منطبق على ما اخترناه فهو صحيح في نفسه ولا يرد عليه شيء من الايرادات الّتي أوردها عليه بعض أفاضل المحقّقين ، ولا بدّ لنا من نقلها وردّها حتّى يظهر جلية الحال.
فمنها : انّ فيما ذكره اعترافا بأنّ بعض معلولاته ـ تعالى ، كالجزئيات المتشخّصة على وجه يدرك بالآلات الجسمانية وكالحضور والغيبة ـ غير معلوم له ـ تعالى عن ذلك ـ ، مع أنّ القاعدة المذكورة ـ أعني : استلزام العلم بالعلّة للعلم بالمعلول ـ تقتضي معلومية كلّ ما هو معلول له ، وهذا بالحقيقة تسليم الايراد ، أي : ما ذكره المحقّق من قوله : « وكذا نفى العلم بالجزئيات المتشخّصة على الوجه المدرك بالآلات الجسمانية عنه ـ تعالى ـ لا ينسلم