ما ذا يفيد تفصيل المتخيلة؟! ، وكيف يستعدّ بالفكر للعلم بالنتيجة؟!.
ثمّ المتخيلة جزئية فكيف يدرك نفسها والصورة المأخوذة عنها في النفس كلّية وأنت عالم بتخيلك ووهمك الشخصين الموجودين ودريت انّ الوهم ينكرهما.
قلت : فارشدني ـ جزاك الله عن زمرة العلم خيرا! ـ ؛
قال : وإذا رأيت أنّها تدرك لا باثر مطابق ولا بصورة فاعلم! : أنّ التعقّل حضور الشيء للذات المجرّدة عن المادّة ـ وإن شئت قلت عدم غيبته عنها ـ ، وهذا أتمّ ، لانّه يعلم ادراك الشيء لذاته وغير الشيء لا ينحصر لنفسه ، ولكن لا يغيب عنها. وأمّا النفس فهي مجرّدة غير غائبة عن ذاتها ، فبقدر تجرّدها ادركت ذاتها ، وما غاب عنها ، إذ لم يكن لها استحضار عينه ـ كالسماء والارض ونحوهما ـ فاستحضرت صورته. وامّا الجزئيات ففي قوى حاضرة لها فاستحضرت ، وامّا الكلّيات ففي / ١٥٤ MA / ذاتها ، إذ المدركات الكلّية لا ينطبع في الأوهام ، والمدرك هو نفس الصورة لا ما خرج عن التصوّر ، وإن قيل للخارج انّه مدرك فذلك بقصد ثان ، وذاتها غير غائبة عن ذاتها ولا بدنها جملة ما ولا قوى لبدنها جملة ما وكان الخيال غير غائب عنها. وكذلك الصور الخيالية فتدركها النفس بحضورها لا لتمثّلها في ذات النفس ، ولو كان تجرّدها أكثر لكان الادراك بذاتها أكثر وأشدّ ، ولو كان تسلّطها على البدن أشدّ كان حضور قواها وأجزائها أشدّ.
ثمّ قال : اعلم! ؛ انّ العلم كمال للموجود من حيث هو موجود ولا يوجب تكثرا ولا يمتنع. وما يمكن للواجب بالامكان العامّ يجب أن يكون له بالفعل ، إذ لا يمكن له ـ تعالى ـ شيء بالامكان الخاصّ ، إذ ذلك يوجب أن يتحقّق فيه جهة امكانية ، فيلزم التكثّر فيه.
ثمّ قال : فواجب الوجود ذاته مجرّدة عن المادّة وهو الوجود البحت ، والأشياء حاضرة له على اضافة مبدئيته وسلطنته ، لأنّ الكلّ لازم ذاته ، فلا يغيب عنه / ١٥٣ DA / ذاته ولا لازم ذاته. وعدم غيبته عن ذاته ولوازمه مع التجرّد عن المادّة هو ادراكه ـ كما قرّرناه في النفس ـ. ويرجع الحاصل في العلم كلّه إلى عدم غيبته عن المجرّد عن المادّة ـ صورة كانت أو غيرها ـ ، فالاضافة جائزة في حقّه ـ تعالى ـ ، وكذا السلوب ،