لا بصورة زائدة عليها ، فتجريد الصورة وتعقّلها إنّما / ١١٤ MB / هو في العلم الحصولي الانطباعي دون الحضوري كيف ولو كان من شرط كلّ ادراك أن يكون بتجريد الصورة من العين الخارجي لزم التسلسل في الصور.
بيان ذلك : انّ من أدرك صورة ذهنية لا ريب في انّ تلك الصورة معلومة له بالحضور الاشراقي ، أي : معلومية تلك الصورة إنّما هي بعين تلك الصورة لا بصورة أخرى والاّ لتوقّفت تلك الصورة الأخرى أيضا إلى صورة ثالثة ... وهكذا ، فيلزم التسلسل في الصور ؛ ومع ذلك يلزم أن تجتمع صور متساوية في الماهية مختلفة بالعدد في محلّ واحد ؛ وهو محال.
وممّا يدل على ثبوت العلم الحضوري الغير المحتاج إلى صورة أخرى غير حضور ذات المدرك لنا : انّا نتألّم بتفرّق اتصال وقع في عضو من أعضائنا ونشعر به وليس ذلك بأنّ تفرّق الاتصال تحصل له صورة أخرى في ذلك العضو أو في غيره ، بل المدرك نفس تفرّق الاتصال والألم المحسوس بذاته لا بصورة تحصل منه ، فيظهر منه انّ من الأشياء المدركة ما يكفي في ادراكها مجرّد حضور ذاتها للنفس أو لأمر له تعلّق حضوري خاصّ بالنفس.
ثمّ كما انّ علم النفس بذاتها وبالصورة القائمة بها ـ سواء كانت صورا لأشياء الخارجية حاصلة للنفس بالتجريد أو صورا خلقية قائمة بها من الشجاعة والسخاوة والمحبّة وغيرها ـ انّما هو بحضور ذات النفس وذوات تلك الصور لا بحضور صورة أخرى زائدة عليها ، كذلك قد يدرك غير ذاتها وغير تلك الصور أيضا لا بحصول صورة ذهنية زائدة ، كما تدرك النفس المجرّدة بدنه الخاصّ الّذي تحرّكه وتصرف فيه وقوّته المفكّرة الّتي يستخدمها في تركيب الصور والمعاني الجزئية وتفصيلها وفي / ١٠٩ DB / ترتيب الحدود الوسطى ، وبتلك الاستخدام نجرّد الكلّيات وننزعها من الجزئيات ونأخذ النتائج من المقدّمات. وبانضمام ذلك الاستخدام إلى ما يدركه بنفسها من دون الاستخدام ندرك الأشياء جميعا ، وكذلك ندرك قوّتها الخيالية والوهمية الشخصيين بذاتهما لا بصورة زائدة منتزعة عنهما. وكذا ندرك مدركات تلك القوى والأشياء الحالّة