لعلّتها القابلية الّتي ليس علّيتها إلاّ بمشاركة غيره من المبادي العالية المفيضة للصور ؛
وثانيهما : انّ حصول المعلولات للفاعل المستقلّ بالاقتضاء أشدّ وأولى في كونه حصولا ـ لا في الانكشاف ـ من حصول الشيء لقابله ، وإذا كان في كونه حصولا أولى نقول : شرط الادراك ليس إلاّ وجود الشيء وحصوله للمجرّد القائم بالذات ، وذلك الحصول ـ الّذي هو الوجود الرابطي ـ امّا يكون ارتباطه بالمجرّد القائم بالذات بـ « اللام » ـ كحضور شيء عند هذا المجرّد ، سواء كان الشيء الحاضر هو ذات هذا المجرّد القائم بالذات أو لا ، ويكون ارتباطه به بـ « من » ـ كصدور شيء منه بأن يكون علّة مفيدة لوجوده ـ ، أو يكون ارتباطه به بـ « في » ـ كارتسام الصور الكلّية العقلية في النفس ، وارتسام الصور الخيالية والحسّية في قواها ـ ، أو يكون بـ « عند » ـ كالصور الخيالية والحسّية المرتسمة في القوى ، فانّ تلك الصور مع القوى حاضرة عند النفس ـ ، وشرط الادراك انّما هو الحصول للمدرك أو منه أو فيه أو الحضور عنده ولا ينحصر شرطه بحصوله فيه. والظاهر عدم الفرق بين الحصول له والحضور عنده حقيقة ـ كما لا يخفى ـ.
وعلى ما ذكر فالفرق بين المعنيين : انّ الأشدّية على المعنى الأوّل يكون وصفا للحصول بحال متعلّقه ـ أي : هذا الحصول تأثيره في الانكشاف أشدّ من تأثير ذلك ، وهذا لا يقتضي كون نفس هذا الحصول أشدّ في كونه حصولا لغيره من ذلك ، إذ ربما يكون الشيء أضعف من شيء من جهة مع أنّ تأثيره في تحصيل أمر أشدّ من تأثير ذلك القويّ في تحصيل ذلك الأمر لمناسبة خاصّة ـ ؛ وعلى المعنى الثاني تكون الأشدّية وصفا للحصول نفسه.
ثمّ الدليل على المعنى الأوّل ـ أعني : كون حصول المعلول للفاعل أشدّ تأثيرا في الانكشاف من حصول الصور لمحلّها ـ هو أنّ المعلول الحاصل لعلّته يكون حاضرا عندها بذاته وبصورته ، والأشياء الّتي ترتسم صورها في النفس انّما تكون حاضرة عندها بصورها فقط ، ولا ريب في أنّ الحضور بالذات وبالصورة أتمّ في الانكشاف من الحضور بالصورة فقط.
وأمّا الدليل على المعنى الثاني ـ أعني : كون حصول المعلول للفاعل أولى في كونه