وثانيتها : النسبة الحاصلة باعتبار اختصاص كلّ واحد من المتجدّدات والمتغيّرات بزمان معيّن ومكان معيّن بالقياس إلى حضور تلك المعلومات والعلوم الّتي هى عينها بعضها الى بعض.
وثالثها : النسبة الحاصلة باعتبار وقوع تلك المتجدّدات والمتغيّرات باعتبار وقوعها في الأزمنة والأمكنة من حيث انّها واقعة في الأزمنة والأمكنة من غير وقوع كلّ في وقته الخاصّ أو مكانه الخاصّ ، وهذه النسبة أيضا ثابتة غير متغيرة ، وإلى الاولى أشار بقوله : « بل جميع الموجودات في الأمكنة والأزمنة حاضرة بذواتها عنده تعالى كلّ في وقته ومكانه ـ ؛ وإلى الثانية بقوله : « والتغير إنّما يكون في المعلومات والعلوم ... إلى آخره » ؛ وإلى الثالثة بقوله : « وإن لم يكن فيها تغير باعتبار انّها واقعة في الأزمنة والأمكنة ». وما يتراءى من التنافي بين كلام السابق ـ وهو قوله : « نسبة جميع الأزمنة والأمكنة إليه نسبة واحدة ... الى آخره » ـ وبين كلامه اللاحق ـ وهو قوله : « والتغير انّما يكون في المعلومات والعلوم الّتي عينها وفي الحضورات الّتي هى النسبة بينه تعالى وبينها » فانّ كلامه الأوّل صريح فى عدم اختلاف نسبة الأشياء بالنسبة إليه والثانى صريح في اختلاف نسبتهما إليه تعالى ـ ؛ مدفوع بأنّ اختلاف النسبة بالقياس إليه ـ تعالى ـ ليس بالذات ، بل بالعرض ، أي : يعلم هو بأنّ هذه المتجدّدات مختلفة النسبة ، فاختلاف نسبة الباري ـ تعالى ـ ليس إلاّ بطريق وصف الشيء بحال متعلّقه ، فكلامه اللاحق لا ينافي كلامه السابق ، لأنّ المراد منه عدم اختلافها بالذات ـ أي : بالقياس إلى ذاته بذاته ـ ؛ انتهى.
وأنت خبير بأنّه على ما ذكرناه يرد على كلام العلاّمة الخفري ـ رحمهالله ـ أمران :
أحدهما : انّه يظهر من كلامه انّ حضور كلّ شيء عند الواجب انّما هو في وقته ـ كما دلّ عليه قوله : « حاضرة بذواتها عنده تعالى كلّ في وقته » ـ ؛
والثانى : قوله بوقوع التغير في الحضورات والنسب بينه ـ تعالى ـ وبين الأشياء.
وهذا الفاضل لم يتعرّض لتوجيه الأمر الأوّل وتصحيحه بما ذكرناه من جعل « في وقته » ظرفا « لكلّ » وإن كان لكنا ، إلاّ أنّ الظاهر من كلماته السابقة انّ حضور كلّ