الشيء الخارجي القائم بذاته او بغيره في الخارج عين الوجود المنكشف المنجلى للعاقل مكابرة ، فانّ الأوّل وجود أصلي خارجي والثاني وجود ظلّي ذهني.
ولو حمل الكلام على الاستلزام بأن يقال : الوجود في نفسه لكلّ محسوس ومعقول يلزمه الوجود لمدركه ، فان اريد « بالوجود لمدركه » القيام به أو عدم القيام بغيره ، فممنوع ؛ وان اريد به ما يتناول عدم الغيبة عنه ، فممنوع ؛ لكن على هذا لم لا يجوز أن يكون شيء قائما بغيره ومع هذا لا يكون غائبا عن ذاته؟ ـ أي : يكون مدركا لذاته ـ.
وأيضا يرد عليه : انّه لو تنزّلنا وسلّمنا انّ كلّ ما هو محسوس ومعقول لشيء فوجوده في نفسه هو وجوده لمدركه فمن أين يلزم منه أن يكون كلّ ما هو وجوده لذاته مدركا لذاته؟ ، بل يكون اثباته مصادرة على المطلوب!.
وان قيل : كلّما هو وجوده لذاته فذاته حاضرة عند ذاته ، والادراك ليس إلاّ حضور الشيء عند المدرك ، فما وجوده لذاته يكون مدركا لذاته ؛
قلنا : حضور ما هو وجوده لذاته عند ذاته بمعنى عدم الغيبة ممنوع ، ولكنّه لا يوجب الادراك وانما الانكشاف ، وبمعنى الانكشاف ممنوع. وأيضا ما ذكره من انّ وجوده لمدركه نفس محسوسية ومعقولية غير ممنوع ، لجواز أن يشترط في المحسوسية والمعقولية شيء آخر غير الوجود للمدرك ، لأنّ العقل لا ينقبض من أن يكون شيء موجودا لشيء آخر ولا يكون معقولا له. وحينئذ فلا يلزم أن يكون في مدرك ذاته نفس وجوده ادراكه لذاته ، ولا أن يكون كلّ ما وجوده لذاته مدركا لذاته والحاصل : انّه إن أريد أنّ المحسوسية والمعقولية حقيقتهما مجرّد الوجود للغير بأيّ نحو كان ، وكذا عكسه ـ أي مجرّد الوجود للغير بأيّ نحو كان وأيّ وجود كان ـ نفس المحسوسية والمعقولية ، فلا نسلّم ذلك ؛ بل الظاهر خلافه! ؛
وان اريد انّ المحسوسية والمعقولية يصدق عليهما انّهما الوجودان للغير وانّ نوعين من الوجود للغير هما المحسوسية والمعقولية ، فلا يثبت به انّ ما قام بغيره بايّ نحو كان يكون معلوما للغير ، وما قام بنفسه يكون معقولا لنفسه ، إذ يمكن منع انّ هذا من هذا النوع ؛
وإن أريد أنّ الوجود للمدرك من حيث انّه مدرك نفس المعقولية والمحسوسية وكذا