والسلبية متأخرة عن ذاته ، فلا يلزم من هذه الجهة اختلاف حيثيات وتكثّر جهات فيه ـ سبحانه ـ.
وأمّا صفاته الحقيقية وإن كانت موجودة في مرتبة ذاته ومتغايرة بحسب المفهوم إلاّ أنّها ليست معانى متميزة موجودة فيه ـ تعالى ـ حتّى يلزم التركب ، فانّ الانكشاف والحياة والقدرة وغير ذلك من الصفات الحقيقية وإن كانت أمورا نفس أمرية إلاّ أنّها ليست موجودة فيه ـ سبحانه ـ بوجودات متميزة متغايرة حتّى يلزم التركّب في ذاته.
فان قلت : لا ريب في أنّ ذات الواجب ـ تعالى ـ شيء بسيط واحد من جميع الجهات وهذه الصفات أمور متغايرة مقتضية للآثار المختلفة ، فانّ حقيقة العلم الّذي هو الانكشاف غير حقيقة القدرة بأيّ معنى أخذ ـ لأنّ القدرة ببعض معانيها هي ايجاد الأشياء في الخارج وببعض معانيها الآخر هي التمكّن من الفعل والترك ، والانكشاف هو ظهور الأشياء عنده ، ولا ريب في أنّ ايجاد حقيقة الشيء في الأعيان غير ظهوره عنده ، ولذا قد يكون شيء ظاهرا عندنا ولا نتمكّن من ايجاده ـ. وإذا كان الأمر كذلك فنقول : كيف يمكن أن يكون بسيط من جميع الجهات علّة ومنشئا لأمور متعدّدة مع أنّ المناسبة بين العلّة والمعلول لازمة؟! ، والواحد من حيث هو واحد لا يناسب الكثير من حيث هو كثير؟!.
قلت : / ١٩٠ MA / الواجب الحقّ ليس إلاّ صرف الوجود المجرّد ، ومعلوم انّ التجرّد ليس صفة يوجب التركيب والتكثّر ، بل يوجب البساطة والوحدة ؛ فالوجود الصرف ليس إلاّ واحدا حقّا. ولا ريب في أنّ هذا الواحد لكونه وجودا صرفا يلزمه القيومية الّتي هي بمعنى القيام بذاته ؛ والمقوّمية للغير ، لأنّ القيوم هو القائم بذاته المقيم لغيره. ووجه الاستلزام ظاهر ، لأنّ بحت الوجود وصرفه يجب أن يكون موجودا بذاته وموجدا لغيره ، ولولاه لما شمّ ماهية من المهيات رائحة الوجود. ولا ريب في أنّ القيومية المطلقة مع التجرّد صفة واحدة يلزمها سائر الصفات الكمالية والاضافية ، لأنّ المجرّد القائم بذاته يلزمه انكشاف الأشياء عنده والقائم بذاته يلزمه كونه قديما أزليا ، و