خارجية. والبديهة قاضية بأنّ ما لا يناسب أحد الظهورين لا يناسب الآخر أيضا ، واختلافهما في المتعلّق لا يصير منشأ لاختلاف الحقيقة ، فيعلم منه أنّ المجرّد من حيث هو مجرّد مناسب ومصحّح للتعقّل والمادّي من حيث هو مادّي غير مناسب ومانع عنه وإن كان فساد لزوم انقسام المجرّد ومادّيته مخصوصا بتحقّق الحصولي للمادّي. وبالجملة البديهة حاكمة بانّه إذا كانت المادّية مانعة عن العلم الحصولي يكون مانعة عن العلم الحضوري أيضا ؛ والفرق تحكّم باطل.
وإن تأمّلت بعد في اتحادهما في هذا الحكم وجوّزت الفرق ـ نظرا إلى اختصاص الفساد الّذي هو لزوم انقسام المجرّد ومادّيته في الحصولي دون الحضوري ـ فيثبت لك المطلوب بطريق آخر لا يتطرّق إليه شبهة أصلا ، وهو : انّه لا ريب في انّ العلاقات المذكورة راجعة كلّها إلى الحضور هى شرط التعقّل بالفعل لتعقّل العاقل ولا يمكن أن يكون مجرّد حصول أحد تلك العلاقات علّة مستقلّة للتعقّل بالفعل بمعنى أنّ كلّما يحصل له أحد تلك العلاقات بينه وبين شيء آخر يكون مدركا وعاقلا ـ سواء كان / ١١٦ DB / مجرّدا أو مادّيا ـ. ولا يتوقّف على شيء آخر متحقّق للعاقل ، لانّه بديهى البطلان لاستلزامه تعقّل كلّ شيء لما هو غير غائب عنه. على انّه مستلزم لأحد المطلوبين ـ أعني : كون كلّ مجرّد عاقلا لذاته ـ وان لم يستلزم المطلوب الآخر ـ أعني : عدم كون المادّيات عاقلة لذواتها ـ ، فيلزم أن يوجد سوى الربط أمر آخر في المدرك يكون مصحّحا ومنشأ للتعقّل الانكشافي ، فهو إن كان مجرّد التجرّد فيثبت المطلوب ، وإن كان مجرّد المادّية ـ أي : ما له مادّية ، سواء كان نفس المادّة أو الصورة الجسمية أو النوعية أو الاعراض القائمة بالجسم ـ ، لكان كلّ مادّي عاقلا لذاته ولكلّ ما هو لا يغيب عنه بالتعقّل الحضوري ، وهو بديهى / ١٢١ MB / الفساد. وان كان شيئا آخر فامّا أن يكون ذلك الشيء هو الوجود الخاصّ للمدرك ، أو مهيته الخاصة المختصّة به ـ أي : مهيته مع تشخّصه أو تشخّصه الخاصّ فقط ، سواء كان التشخّص نحو وجوده أو غيره ـ ، أو الوجود العامّ الشامل له ولغيره من الموجودات ، أو مهيته المشتركة بينه وبين الكثيرين المتفقة معه في الحقيقة ـ أعني : نوعه ـ ، أو جزء مهيته ـ أعني : جنسه أو فصله أو صفة من صفاته وقوّة وخاصّة من قواه و