ذلك المعنى الّذي هو الجزء هو وجوب الوجود ، فلو فرضنا أنّ تلك الماهية هو الانسان ووجوب الوجود جزئه لصدق أنّ الانسان غير واجب الوجود ، فحينئذ نقول : لا يخلوا إمّا أن يكون لقولنا : « وجوب الوجود هناك » حقيقة أو لا يكون ، ومحال أن لا تكون لهذا المعنى ـ أعني : وجوب الوجود ـ حقيقة وهو مبدأ كلّ حقيقة ـ بل هو يؤكّد الحقيقة ويصحّحها ـ ، وإن كانت له حقيقة وهي غير تلك الماهية نظرا إلى انّها جزء من تلك الماهية المركّبة فان كان ذلك الوجوب من الوجود ـ أي : كان ذلك وجوب الوجود ـ الّذي هو يؤكّد الوجود ـ يلزم أن يتعلّق بتلك الماهية ولا يجب بدونها ـ أي : كان من لوازمه أن يتعلّق بتلك الماهية وبدون تعلّقه بها لم يكن هذا الوجود المتأكّد واجبا ـ لزم أن لا يكون واجب الوجود من حيث هو واجب الوجود / ٢٢٩ MA / واجبا ، أي : لم يكن الواجب بالذات واجبا باعتبار ذاته ، بل باعتبار أمر آخر صار سببا لوجوبه ـ أعني : الماهية المركّبة الّتي هي غيره ـ ، لأنّ المفروض أنّه بدون التعلّق بها لا يكون واجبا ، فيكون معنى واجب الوجود من حيث هو واجب الوجود يوجد لشيء ليس هو ؛ / ٢٣١ DA / وهذا خلف ، لأنّ الوجوب المطلق الّذي للذات لا يكون معلولا ، فبقى أن يكون واجب الوجود بالذات متحقّقا من حيث هو واجب الوجود بنفسه من دون كون تلك الماهية عارضة لذات واجب الوجود المتحقّق القوام بنفسه إن كان يمكن عدم العروض. والغرض انّ واجب الوجود يكون متحقّق القوام بنفسه ولا يحتاج في قوامه إلى تلك الماهية ، فان كانت تلك الماهية بحيث يمكن عدم عروضها ولحوقها بالنسبة إلى واجب الوجود بالذات فيصدق أنّ واجب الوجود بالذات يكون متحقّقا من حيث هو واجب الوجود بنفسه من دون تعلّقه بتلك الماهية ومن دون كون تلك الماهية عارضة أوّلا لهذا الواجب الوجود المتحقّق القوام بنفسه ؛ وإن لم يكن عدم عروض تلك الماهية وعدم لحوقها له فلا يضرّنا ، لأنّ كلّ معلول يكون متعلّقا بعلّته التامّة وعارضا لها لاحقا به ، وانّما المحال تعلّق العلّة بالمعلول وعروضها له وتحقّق قوامها منه ، فاللازم حينئذ كون واجب الوجود من حيث هو واجب الوجود متحقّق القوام بنفسه من دون احتياج إلى الماهية وإن كان قوام الماهية متحققا بها ولاحقا بالنظر إليها ، وحينئذ فواجب الوجود