الفعل ؛ بل صدور ذلك الجزئي عن النفس هو بعينه تصوّرها له بلا صورة / ١١٥ MA / مستأنفة أخرى ـ كما أدّى إليه ذوق أهل الاشراق ـ ؛ انتهى.
وما ذكره من أنّ استعمال النفس لقواها وآلاتها لا يتوقّف على قصد زائد ـ بل هو ناش عن ذاتها وارادتها له عبارة عن كونه معشوقا محبوبا ، لأنّ كلّ شيء يحبّ فعله من حيث انّه فعله ـ قريب ممّا ذكره الحكماء في إرادة الواجب من أنّ ارادته لفعل ليس بقصد زائد وليس فعلها وتركها متساويين عنده حتّى يحتاج إلى مرجّح ، بل ذاته يقتضي فعلها. وكونه مرادا له : انّه محبوب عنده مرضي لديه ، لانّ كلّ فعل ناش عن الذات معشوق عند الذات.
ثمّ إن قيل : إن كان الاستعمال ناشئا عن ذات النفس وعن شوقها الذاتي فما الباعث لاختلاف الاستعمالات في النفوس قلّة وكثرة وشدّة وضعفا؟ ، ووقوع بعضها في محلّه وبعضها في غير محلّه؟ ، وكون بعضها موجبا للنجاة وبعضها باعثا للهلاك؟ ـ وغير ذلك ـ ؛
قلنا : الباعث في ذلك اختلاف النفوس واختلافهما في الأفعال ، وكون كلّ منها عاشقة لفعلها المخصوص بها اللازم لها.
فان قيل : لا ريب في أنّ علم النفس بالصور الحاصلة لها القائمة بها علم حضوري لا يتوقّف على صورة زائدة وإلاّ لزم التسلسل ، وأمّا علمها بغير تلك الصور من الأشياء الخارجية ـ سواء كان ذاتها أو ما يتعلّق بها من القوى أو الآلات أو غيرهما ـ لا بدّ أن يكون بالصور الزائدة ولا يمكن أن يكون على سبيل الحضور ، فكلّ ما يصير معلوما للنفس من الأشياء الخارجة انّما ينكشف بتجريد صورته وقيامها بالنفس ، وأمّا نفس تلك الصورة فهي حاضرة عند / ١١٠ DA / النفس ملاحظة ايّاها ، فالربط والمناسبة اللازمتان في تحقّق الانكشاف بين النفس وبين تلك الصور هو قيامها بها ، وبين النفس وبين ذي الصورة هو قيام صورته بها. وبالجملة علم النفس في الأمور الخارجية والأشياء العينية ولو كانت ذاتها أو قواها وآلاتها لا يمكن أن يكون بالحضور ، بل لا بدّ أن يكون بتجريد صورها وحصول تلك الصور للنفس. وحينئذ كلّ شيء يكون