وتقول : مبدء الوجود واحد ، ثم تستدل بما عندك من الدلائل على اثبات نسبة هذه القضية ، ثم تصدق بها بقلبك وتقول : الله واحد بلسانك ، فهذا هو العلم والايمان ، ثم تحصل لك المعرفة ، اى تعرف مبدء الوجود بالوحدانية ، ثم تشكل القضايا الاخرى لسائر اوصافه وتقول : الله الواحد عالم ، وهكذا حتى يحصل لك المعرفة الكاملة ، وفى هذا المقام قالوا : ان الاوصاف قبل العلم بها اخبار ، والاخبار بعد العلم بها اوصاف ، والمراد بالعلم فى هذا البحث هو التصديقى.
ومثال ظن التهمة من الآيات وهو يتعدى بالباء قوله تعالى : (يَظُنُّونَ بِاللهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجاهِلِيَّةِ) ـ ٣ / ١٥٤ ، اى يصفونه بما لا يليق به جهلا ، (وَذلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْداكُمْ) ـ ٤١ / ٢٣.
الامر الثالث
ان من الافعال ما هو فعل قلبى ، ولكنه لا ينصب مفعولين ولا تدخل على الجملة ، بل ينصب مفعولا واحدا يحكى بمفهومه عن الجملة ، منها فقه وفهم وعقل واعتقد وادرك ، نحو قوله تعالى : (يَسْمَعُونَ كَلامَ اللهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ ما عَقَلُوهُ) ـ ٢ / ٧٥ ، (وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسانِي يَفْقَهُوا قَوْلِي) ـ ٢٠ / ٢٧ ، (فَما لِهؤُلاءِ الْقَوْمِ لا يَكادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثاً) ـ ٤ / ٧٨ ، فان الكلام والقول والحديث حاكية عن الجملة ، وكذا قولك : فهمت المسالة واعتقدت صدق مقالك ، وادركت مقصودك ، فان المسالة وصدق المقال والمقصود ايضا حاكية عن الجملة.
الامر الرابع
ان الرؤية اما بصرية او قلبية ، وكل منهما اما فى اليقظة او فى المنام ، وكل منها اما ذات مفعول واحد او ذات مفعولين ، وهذه ثمانى صور ، وهذا الفرض فى الثلاثى ، وامكن ان يتعدى ذو مفعول واحد الى اثنين بنقله الى بعض ابواب المزيد ،