للمصدر باى لفظ ووزن كان ، بل هو مصدر ، وان لم تعتبر فلا اعمال فهو اسم للمصدر باى لفظ ووزن كان ايضا ، لان الاعمال والنسبة مثلا زمان ، بل ليس معنى الاعمال الا نسبة الحدث الى الفاعل وغيره من المعمولات فى تركيب الكلام ، واستدل المجوزون بما فى هذه الابيات.
اكفرا بعدردّ الموت عنّى |
|
٤٤٦ وبعد عطائك المائة الرتاعا |
اذا صحّ عون الخالق المرء لم يجد |
|
٤٤٧ عسيرا من الآمال الّا ميسّرا |
بعشيرتك الكرام تعدّ منهم |
|
٤٤٨ فلا يرينّ لغيرهم الوفاء |
قالوا : عطاء وعون وعشيرة اعملت فى الفاعل والمفعول مع انها اسماء المصدر ، والجواب انها ليست اسماء المصدر لاعتبار النسبة فيها ، ولم يتعين فى كلام العرب لفظ لان يكون مصدرا او اسم مصدر ، بل المناط هو الاعتبار ، فان شاهد نافيه نسبة الى معمول فهو مصدر ، والا فهو اسم المصدر.
قال الزمخشرى فى تفسير قوله تعالى : (فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزاؤُكُمْ جَزاءً مَوْفُوراً) ـ ١٧ / ٦٣ ، انتصب جزاء موفورا بما فى جملة فان جهنم جزاءكم من معنى تجازون او بتقدير تجازون او على الحال ، ومراده بالانتصاب كونه مفعولا به ثانيا وانما ابى عن كون جزاءكم عاملا فيه لاعتباره نفس حقيقة الجزاء بدلالة حمله على جهنم ، فان المصدر لا يحمل على الذات.
ولا يخفى ان اسم المصدر قد يستعمل اسما لما يتحقق به الفعل فى الخارج ، اى موضوع اسم المصدر ، نحو الجزاء والعطاء والثواب ، وهى اسماء لما يوصل المجازى والمعطى والمثيب الى احد ، وهى ذوات قائمة بها اسماء المصدر ، والوضوء وهو الماء الذى به يتوضى ، والطهور وهو ما يحصل به الطهارة من الماء والتراب ، والوقود وهو الجسم الذى يتحقق به التوقد ، والغذاء والطعام ، وهما ما به يقع التغذى والطعم ، والحنوط وهو ما يتحنط به الميت ، وغيرها من الالفاظ ، فحينئذ يصح حملها على تلك الاشياء ، والآية من هذا القبيل.