وآله : على وليكم من بعدى ، اى ولايته عليكم من ابتداء الزمان الذى بعدى الى ان يكون بينكم ، وفى الرواية : مطرنا من الجمعة الى الجمعة ، وكقول الشاعر :
تخيّرن من ازمان يوم حليمة |
|
٦٢١ الى اليوم قد جرّبن كلّ التجارب |
المعنى الثانى : التبعيض ، وعلامتها صحة وقوع بعض مكانها ، نحو قوله تعالى : (تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللهُ) ـ ٢ / ٢٥٣ ، (وَلكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ) ـ ٢ / ٢٥٣ ، يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْناكُمْ ـ ٢ / ٢٥٤ ، (لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ) ـ ٣ / ٩٢ ، وفى قراءة ابن مسعود : حتى تنفقوا بعض ما تحبون ، وكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ ـ ٦٧ / ١٥ ، وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنْكُمْ مُكَذِّبِينَ ـ ٦٩ / ٤٩ ،
المعنى الثالث : البدلية ، وعلامتها صحة وقوع البدل مكانها ، نحو قوله تعالى : (أَرَضِيتُمْ بِالْحَياةِ الدُّنْيا مِنَ الْآخِرَةِ) ـ ٩ / ٣٨ ، (وَلَوْ نَشاءُ لَجَعَلْنا مِنْكُمْ مَلائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ) ـ ٤٣ / ٦٠ ، (لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ مِنَ اللهِ شَيْئاً) ـ ٣ / ١٠ ، وفى الدعاء : يا من يكفى من كل شىء ولا يكفى منه شىء ، لا مانع لما اعطيت ولا معطى لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجدّ ، وكقول الشاعر :
اخذوا المخاض من الفصيل غلبّة |
|
٦٢٢ ظلما ويكتب للامير افيلا |
قال ابن هشام فى المغنى : وانكر قوم مجئ من للبدل ، فقالوا : ان التقدير فى ارضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة ، اى بدلا من الاخرة ، والمفيد للبدلية متعلقها المحذوف ، واما هى فللابتداء ، وكذا الباقى ، ولم يجب ابن هشام بشئ.
اقول : لو انفتح هذا الباب لم يبق لحرف جر موضع ، لان الحرف لا يدل بنفسه الا على الربط والنسبة ، واما نوع النسبة من المعانى المذكورة فانما يستفاد من المتعلقات والمدخولات ، ولذلك قالوا : ان الحرف لا يستقل بالمعنى ، فمعنى البدلية يفهم من الحرف الرابط بين الدنيا والآخرة ، ولا حاجة الى تقدير لفظ بدل ، وان جئ بلفظ البدل فلا حاجة الى الحرف المفيد لمعنى البدل ، فيقال : ارضيتم بالحياة