الحديث : من قتل دون ماله فهو شهيد.
وكثيرا يجئ بهذا المعنى مع من الابتدائية باعتبار جعل المكان ابتداء الفعل كما قلنا فى عند ، نحو قوله تعالى : (فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجاباً) ـ ١٩ / ١٧ ، (وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودانِ) ـ ٢٨ / ٢٣ ، (وَجَدَ مِنْ دُونِهِما قَوْماً) ـ ١٨ / ٩٣.
ويستعمل بمعنى غير ، او المكان المغاير ، نحو قوله تعالى : (تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ) ـ ٨ / ٦٠ ، فان اخذته بمعنى غير فمن بيانية والتقدير : وآخرين هم غيرهم ، وان اخذته بمعنى المكان المغاير فمن ابتدائية والتقدير : وآخرين كانوا من مكان غير مكانهم ، ونحوه قوله تعالى : (إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّساءِ) ـ ٧ / ٨١ ، قال ابن هشام فى حرف من : من للابتداء والظرف صفة لشهوة ، اى شهوة مبتداة من دونهن ، اقول : وان شئت فقل : شهوة هى غير شهوة النساء ، فمن بيانية ، وقوله : (وَلَهُمْ أَعْمالٌ مِنْ دُونِ ذلِكَ هُمْ لَها عامِلُونَ) ـ ٢٣ / ٦٣ ، اى اعمال هى غير الغفلة عن الحق ، او اعمال تنشا من مبدء غير الغفلة من التعلقات الدنيوية ، (أَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ آلِهَةً) ـ ٣٦ / ٢٣ ، اى ااتخذ آلهة هى غير الله ، (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطانَةً مِنْ دُونِكُمْ) ـ ٣ / ١١٨ ، اى من غيركم.
ولا يخفى ان كونه بمعنى غير اظهر فى بعض المواضع بل اكثرها ، سواء اكان مع من ام بدونها ، نحو ما مر فى قوله : لا تتخذوا الخ ، وقوله تعالى : (أَإِفْكاً آلِهَةً دُونَ اللهِ تُرِيدُونَ) ـ ٣٧ / ٨٦ ، اى آلهة غير الله ، ولكن يبعد كونه بمعنى غير مجيئه منصوبا ، نحو قوله تعالى : (وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذلِكَ) ـ ٧٢ / ١١ ، فانه ان كان بمعنى غير وجب رفعه ، فلابد ان يكون التقدير : ومنا قوم فى مقام غير مقام الصالحين.
ثم ان من فى هذا الاسلوب يكون فى الغالب متعلقا بمحذوف ، وهو صفة لما قبله ان كان نكرة او حالا ان كان معرفة ، وقد يتعلق بالفعل المذكور ، فانظر فى الآيات وغيرها ، وذكروا لدون معانى اخرى كقبل وبعد وفوق ، ولكنها راجعة الى