قد مر بيانه فى الامر الثانى عشر من مقدمة الكتاب ، وله امثلة كثيرة نذكر بعضها
١ ـ قوله تعالى : (وَأُتْبِعُوا فِي هذِهِ الدُّنْيا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيامَةِ) ـ ١١ / ٦٠ ، يوم منصوب معطوف على محل هذه فان لها محلا منصوبا بالظرفية ومحلا مجرورا بفى ، ولفظها مبنى.
٢ ـ قوله تعالى : (أَنَّ اللهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ) ـ ٩ / ٣ ، رسوله مرفوع فى بعض القراءات ومنصوب فى بعضها ، وعلى النصب معطوف على لفظ الله وعلى الرفع معطوف على محله لان اصله المبتدا ، ولم يزل جهة الابتداء وان نصب بدخول ان لان الابتداء هو كون المسند اليه مقدما فى الكلام كما مر فى المبحث الثانى من المقصد الاول ، لا التجرد عن العوامل اللفظية لان مفهوم الابتداء وجودى ومفهوم التجرد عدمى ، ولا يعرف احدهما بالآخر ، ولا يكون العدمى منشا لامر وجودى هو الرفع ، فالابتداء لم يزل بل صار محكوما ممنوعا عن اظهار اثره ، لان الاعراب المحلى فى غير المبنيات يتحقق عند وجود عاملين احدهما حاكم يظهر اثره والآخر محكوم لا يظهر اثره ، ومثله هل من خالق غير الله وكفى بالله شهيدا وبحسبك درهم ، فان خالق وحسبك مرفوعان محلا بالابتداء ولفظ الجلالة مرفوع محلا بكفى ، والثلاثة مجرورة لفظا بالجار الزائد.
وهذا بخلاف مررت بزيد فان زيد ليس منصوبا محلا لان مررت لازم لا ينصب المفعول ، فلا يتبع زيد بغير المجرور ، وان نصب بحذف الجار يقال له المنصوب بنزع الخافض لا المنصوب على المفعولية كما فى هذا البيت.
تمرّون الديار ولم تعوجوا |
|
١٠٨٩ كلامكم علىّ اذن حرام |
وبخلاف زيد يضرب ، فان هنا عاملين ومعمولين ، رفع الجملة المضارعية محلا وعامله المبتدا ، ورفع الفعل المضارع لفظا وعامله التجرد عن الناصب والجازم على القول المشهور ، وان عطف شىء فعلى مجموع الجملة باعتبار محلها المرفوع كما