ثم قال ابن هشام : ومراده بالغلط ما عبر عنه غيره بالتوهم ، وذلك ظاهر من كلامه ويوضحه انشاده البيت ، وتوهم ابن مالك انه اراد بالغلط الخطا فاعترض عليه بانامتى جوزنا ذلك عليهم زالت الثقة بكلامهم ، وامتنع ان نثبت شيئا نادرا لامكان ان يقال فى كل نادر ان قائله غلط.
اقول : الحق ان لا يؤخذ هذا العطف قاعدة ولا يقاس عليه ويقتصر فيه على ما سمع ولا يتعدى عنه ولا يستعمل فى كتاب ولا خطاب كما انكره بعض السابقين والعصريين ، ووجهوا ما ورد من ذلك على ما فصل فى المغنى وغيره.
واما الغلط بمعنى الخطا وانحراف اللسان فهو امر ممكن واقع من كل ذى لهجة من العرب وغيرهم ولا مجال لانكاره ، وهذا لا يوجب زوال الوثوق بكلامهم لان الاعتماد انما هو على القواعد والاصول المتخذة من استعمالاتهم الشائعة كما ارشد مولانا امير المؤمنين عليهالسلام ابا الاسود الدئلى الى ذلك فعمل ذلك الرجل ما عمل واتبعه الآخرون الى يومنا هذا على ما مر شرحه فى مقدمة الكتاب ، واما الآيات فالاعتماد فيها على قراءات المشهورين من القراء وهم سبعة ، واما قراءة غيرهم فلا يعبابها وان نقلت فى التفاسير وكتب النحو والقراءة الا المعصوم عليهالسلام.
واعلم انه قد يقال العطف على التوهم فيما يعطف لفظ على لفظ متوهم اى ماخوذ بالتوهم مما قبله ، ومن ذلك امثلة.
١ ـ قوله تعالى : (رَبِّ لَوْ لا أَخَّرْتَنِي إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ) ـ ٦٣ / ١٠ ، قال ابن هشام فى رابع المغنى : ان ما بعد الفاء منصوب بان مضمرة وان والفعل فى تاويل مصدر معطوف على مصدر متوهم مما تقدم ، ومراده من المصدر المتوهم ما يؤخذ من اخرتنى ، اى لو لا تاخيرى الى اجل قريب فتصدقى حاصلان ، وفى هذا كلام مذكور فى غير هذا الموضع.
٢ ـ قوله تعالى : (إِنَّا زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِزِينَةٍ الْكَواكِبِ وَحِفْظاً مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ مارِدٍ) ـ ٣٧ / ٦ ـ ٧ ، قال بعضهم : ان التقدير : انا خلقنا الكواكب فى السماء الدنيا