وقوله تعالى : (أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللهُ) ـ ٢ / ١٤٠ ، اى ام الله اعلم ، وقد اخطا ابن هشام فى خامس المغنى باب حذف الخبر حيث رد من قال فى هذه الآية بالتقدير وقال : لا حاجة الى دعوى الحذف لصحة كون اعلم خبرا عنهما ، اقول : وذلك لان اسم التفضيل مفردا انما يقع خبرا عن المتعدد اذا كان نسبة التفضيل واحدة ، نحو سعيد ومسعود افضل من سعاد ، واما اذا اختلفت فلا ويجب تعدد الخبر كما اذا كان سعيد افضل من خالد فقط ومسعود افضل من حارث فقط : فلا يصح ان يقال : سعيد ومسعود افضل من خالد وحارث لان معناه ان كلا منهما افضل من كل منهما ، وهذا خلاف الواقع لان المفروض ان كلا منهما افضل من واحد منهما ، وتقدير الآية : اانتم اعلم من الله ام الله اعلم منكم ، وعلى ما قال ابن هشام يكون التقدير : اانتم ام الله اعلم ، فنسأل من المفضل عليه حينئذ؟ ، ونظيره (أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّماءُ بَناها) ـ ٧٩ / ٢٧ ، اى اانتم اشد خلقا من السماء ام السماء اشد خلقا منكم.
ومن حذف الخبر قولهم : انت اعلم ومالك ، اى انت اعلم من غيرك بمالك ومالك بيدك ، فالواو حالية ، وقال ابن هشام : ليس هذا من حذف الخبر ، والتقدير : انت اعلم بمالك ، ثم انيبت الواو مناب الباء قصد اللتشاكل اللفظى لا للاشتراك المعنوى ، وهذا منه عجيب وخروج عن الاسلوب العربى ، ومراده بالتشاكل اللفظى اتحادهما فى المخرج ، مع انه صرح فى حرف الواو انها فى هذه الجملة بمعنى الباء فقوله : لا للاشتراك المعنوى ينافى ذلك ، فعلى ما ذهب فالاشتراك المعنوى او الاستعمال المجازى موجود مع التشاكل اللفظى ، وانه لا بد منه ، ولعل نظره فى نفى الاشتراك المعنوى اثبات الاستعمال المجازى ، ولكنه لا يظهر من كلامه.
وقال الدسوقى فى حاشيته على المغنى ، توجيه ابن هشام مخالف للقواعد ، والحق ما قاله الرضى ، ان الاصل انت اعلم بحال مالك فانت ومالك ، اى مقترنان لا علقة لنا بكما فلا نشير عليك فيه بشئ ، اقول : فالواو على تقدير الرضى للعطف ، وما قلت اظهر واسهل واحسن.