قال البنى صلىاللهعليهوآله لقوم من قريش : ان فعل الله لكم ما تريدون من المعجزة اتؤمنون وتشهدون بالحق قالوا نعم ، ونعم فى كلام المجيب يقرر المستفهم عنه فى كلام السائل ويثبته ، وان اراد عدم التقرير والتثبيت يقول : لا.
واعلم ان نعم تقع بعد الاستفهام المثبت والمنفى ، واختلفوا فى نحو الم يقم زيد ان اجيب بنعم هل هى تقرر النفى او المنفى ، فقوم على الاول مستشهدين بما روى عن ابن عباس انه قال فى قوله تعالى : (أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى) ـ ٧ / ١٧٢ : لو قالوا فى الجواب نعم لكان كفرا ، وذلك لان نعم تقرر النفى ، اى لست بربنا وقوم على الثانى مستشهدين بقول الشاعر ، فان نعم فيه قررت المنفى.
اليس اللّيل يجمع امّ عمرو |
|
١٤٠١ وايّانا فذاك بنا تدان |
نعم وترى الهلال كما اراه |
|
١٤٠٢ ويعلوها النهار كما علانى |
اقول : كلا الوجهين صحيح فى الاستعمال مع القرينة ، لان هذا الاسلوب ذو وجهين على ما بينا فى المبحث السابق ذيل قولنا : تنبيه.
والثانى بعد الطلب بالامر او النهى او العرض او التحضيض ، كما قيل لك : اعطنى اولا تفارقنى او الا تحدثنا او هلا تجيئنا فتقول : نعم ، فهى وعد بالاعطاء وعدم المفارقة والتحديث والمجئ ، ويمكن ان يكون طلب الشئ بالاستفهام كما يقول لك فقير : هل تعطينى ، فتقول : نعم ، اى اعطيك ، قال الشاعر :
واذا قلت نعم فاصبر لها |
|
١٤٠٣ بنجاح الوعد انّ الخلف ذمّ |
والثالث بعد الخبر مثبتا كان او منفيا ، كما قيل لك : زيد رجل عالم ، فتقول : نعم ، اى اصدقك فيما اخبرت ، وكقول على عليهالسلام فى جواب الخوارج حين قالوا : لا حكم الا لله : كلمة حق يراد بها الباطل ، نعم انه لاحكم الا لله ، ولكن هؤلاء يقولون : لا امرة الا لله وانه لا بد للناس من امير براو فاجر ، فصدقهم فى قولهم : لاحكم الا لله ، اى لا حكومة الاله ، وكذبهم فيما ارادوا بهذه الكلمة ، وكقول مؤمن الطاق حين قال له ابو حنيفة تقريعا وشماتة : مات امامك : نعم ، ولكن