نفس الفعل.
اقول : لا يستقيم ما قالوا فى نحو (وَما كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْ لا أَنْ هَدانَا اللهُ) ـ ٧ / ٤٣ ، اذ لا يصح نفى قصد الاهتداء الى الجنة عن اهل الايمان بعد هداية الله تعالى.
ثم لا يلزم ان يكون النفى فى هذا الاسلوب من الكلام بما او لم فقط ، كما التزم به ابن هشام واتعب نفسه بالتكلف فى هذه الآية : (وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبالُ) ـ ١٤ / ٤٦ ، اى ما كان مكرهم لان تزول منه الجبال ، والمراد ان مكرهم ضعيف لا اثر له فى قبال امر الله تعالى ، كما قال : (إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطانِ كانَ ضَعِيفاً) ـ ٤ / ٧٦ ، وقرا الكسائى بفتح اللام ورفع المضارع ، فالكلام مثبت.
ثالثها ما يكون المضارع معمولا لفعل الارادة وما يقرب معناها ، نحو قوله تعالى : (بَلْ يُرِيدُ الْإِنْسانُ لِيَفْجُرَ أَمامَهُ) ـ ٧٥ / ٥ ، (وَما أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ) ـ ٩٨ / ٥ ، قيل : هذه اللام زائدة للتاكيد ، وقيل : هى للتعليل ، ومفعول الفعل محذوف ، والتقدير : بل يريد الانسان الفجور ليفجر ، وما امروا بما امروا الا ليعبدوا الله ، وقيل : هى للتعليل ، والفعل لا مفعول له ، بل مؤول بمصدر مرفوع بالابتداء كما ان المضارع بعد اللام مؤول به ، والتقدير : بل ارادة الانسان للفجور ، وما امرهم الا لعبادة الله.
اقول : لا حاجة الى هذه التكلفات ، بل مدخول اللام مفعول للفعل المذكور ، واللام لام التقوية ، ولا يختص دخولها بمعمول الوصف والمصدر والمعمول المقدم على عامله ، بل تدخل على غيرها كمعمول هدى وسمع وغيرهما ، وان شئت فقل انها لام التعدية ، ومر فى المبحث العشرين من المقصد الاول كلام فيها وياتى بيان ذلك فى خاتمة الكتاب ، والشاهد على ذلك ان المضارع فى الاكثر بعد مادة اراد وامر وغيرهما مصدر بان المصدرية الظاهرة وفى بعض الموارد بان واللام كلتيهما ،