هذا فاعلم انهم اختلفوا هنا فى امرين.
الاول : المفعول ان جر بحرف زائد ووقع نائبا عن الفاعل فلا خلاف فى كونه هو النائب وحده ، وهو فى محل الرفع بالنيابة ، نحو لم يقتل من احد من المؤمنين ، اى لم يقتل احد منهم ، وان جر بحرف غير زائد ففيه خمسة اقوال : النائب هو المجرور وحده ، هو الجار وحده ، هما معا ، ضمير فى الفعل راجع الى مصدر الفعل ، ضمير مبهم راجع الى مصدره او زمانه او مكانه.
اقول : لا معنى لهذا الاختلاف فى هذا المبحث ، اذ لا فرق بين حال بينهما الموج وحيل بينهما الا ان الحائل مجهول للمخاطب بحسب الظاهر فى التركيب الثانى ، واما نسبة الحيلولة الى الظرف فواحدة فى التركيبين ، وكذا سقط فى ايديهم وسقط الندم فى ايديهم ، فان نسبة السقوط الى ايديهم واحدة ، وكذا نودى للصلاة ونادى منادى المسلمين للصلاة ، فان نسبة النداء الى الصلاة لا تختلف.
واما النيابة فلا ريب انها تابعة لتعلق الفعل ، فان المفعول انما ينوب عن الفاعل لتعلق الفعل به ، ولا شبهة ان الفعل يتعلق بالجار والمجرور ان لم يكن الجار زائدا ، والا فوجوده كالعدم وان شئت فقل : يتعلق بالمجرور بدخالة الجار ، فان قولك : اخذت المال واخذت من المال ، وعنده علم الكتاب وعنده علم من الكتاب يفهم منه ان للفظة من دخلا فى تعلق الفعل بمجرورها ، وذلك بافادة معنى التبعيض ، فالفعل يتعلق بهما معا ، وكذا قولك : اذهبت زيدا وذهبت بزيد ، فان الباء تفيد ما تفيد الهمزة ، فالحق ان الفعل يتعلق بهما ، فهما معا نائب عن الفاعل ، مرفوع المحل بالنيابة عن الفاعل كما اذا وقعا خبر المبتدا ، فالحق هو القول الثالث.
الثانى : اذا بنى فعل لازم بصيغة المجهول نحو جلس ففى النائب اقوال اربعة : ضمير المصدر ، اى جلس جلوس ، ضميره معهودا ، اى جلس ذلك الجلوس ، ضمير مبهم راجع الى مصدر الفعل او زمانه او مكانه ، ان الفعل فارغ عن الضمير ، وقال ابن هشام فى الفصل الاول من سابع المغنى فى رد من قال : اقيم ضمير