صُنْعَ اللهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ) ـ ٢٧ / ٨٨ ، اى صنعها الله صنعه ، ومعنى صنعه تعالى يفهم من ترى الجبال الخ ، ومثال الفقهاء فى كتاب الاقرار : له على الف دينار اعترافا اى اعترف بذلك اعترافا ، واعتراف المقر يفهم من كلامه ، ومن ذلك قولهم : هذا اخى حقا ، وبتا وبتاتا وبتة وصرفا وقطعا وجزما وامثالها الواقعة بعد الكلام فى محاورات الناس ، فكلها مفعولات مطلقة لافعال محذوفة من مادتها.
ثم قد حذف عامل المصدر فى كثير من الموارد سماعا ، كقوله تعالى : (فَراغَ عَلَيْهِمْ ضَرْباً بِالْيَمِينِ) ـ ٣٧ / ٩٣ ، اى فراغ عليهم يضربهم ضربا ، (فَطَفِقَ مَسْحاً بِالسُّوقِ وَالْأَعْناقِ) ـ ٣٨ / ٣٣ ، اى فطفق يمسح مسحا.
وقال بعض النحاة : ان المصادر الموكدة اذا حذف عاملها لم يصح تسميتها مؤكدة ، لان التاكيد تقوية الثابت بالتكرار لفظا او معنى والمحذوف ليس بثابت ، فلا تاكيد مع الحذف ، فالحق ان تسمى بالمصادر النائبة فيكون المفعول المطلق على اربعة اقسام ، والجواب ان المقدر كالمذكور فلا داعى الى تكلف زيادة الاصطلاح ، على ان التاكيد راجع الى المعنى وان يكن لفظيا ، ولذلك ذكروه فى علم المعانى ، والمعنى ثابت مع الحذف ايضا.
الامر السادس
اذا وقع المصدر خبر المبتدا ، فالمبتدا اما اسم حدث نحو سيرك سير سريع ، وعلمك علم كثير ، فلا كلام فيه حينئذ ، واما اسم ذات ، وهو على ضربين.
١ ـ ان يراد من اتيان المصدر المبالغة ، فالمصدر حينئذ يرفع على الخبرية ، اذ النصب يوجب زوال المبالغة ، نحو زيد عدل ، وابراهيم كرم ، وقارون بخل ، وفى الحديث : الدنيا كلها جهل الا مواضع العلم ، اى اهلها كلهم جاهلون الا من وضع الله عندهم العلم ، والحمل مجاز ، ومصحح المجاز ارادة المبالغة.
٢ ـ ان لا يراد المبالغة ، فيجب نصب المصدر على ان يكون مفعولا مطلقا لفعل